صلى الله عليه وسلم، عن الله: (قد مثلوني بين أعينهم). أي، أوجدوا لي مثالا رأى أعينهم. وهذا كما قال: (أن تعبد الله كأنك تراه...). والأول أنسب للمقام.
(وحقق في مقصده) أي، يحقق في مقصوده ومطلوبه، وهو العبادة والمعرفة، كما قال: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون).
فيجوز أن يكون الكلام من لسان الكمل، إذ بهم تظهر الصفات كلها. و يجوز أن يكون المراد نفسه، لأنه كشف عن أسراره كشفا ما أتى أحد من الأولياء بمثله. وفيه إيماء حينئذ إلى مقام ختميته للولاية المحمدية. وبعد هذا الكشف الكلى لم يبق إلا كشف خاتم الولاية المطلقة، إذ به تتم الدائرة، فتقوم بعده القيامة.
(ولما كان للخليل، عليه السلام، هذه المرتبة التي بها سمى خليلا، لذلك سن القرى وجعله ابن مسرة الجبلي مع ميكائيل للأرزاق، وبالأرزاق يكون تغذى المرزوقين. فإذا تخلل الرزق ذات المرزوقين، بحيث لا يبقى فيه شئ إلا تخلله، فإن الغذاء يسرى في جميع أجزاء المغتذى كلها، وما هناك أجزاء. فلا بد أن يتخلل جميع المقامات الإلهية المعبر عنها كلها بالأسماء، فتظهر بها ذاته، جل وعلا).
جواب (لما) قوله: (سن القرى). وقوله: (لذلك) متعلق ب (سن).
أي، لما كان للخليل، عليه السلام، مرتبة العرفان وشهود الخلق في الأعيان والتخلل بنور ربه في أسمائه ومظاهره التي هي الأكوان، سن القرى لذلك، وهو إعطاء الرزق للمرزوقين. ولذلك جعله الشيخ المحقق، ابن مسرة الجبلي، رضى الله عنه، مع ميكائيل، عليه السلام، في إيصال الأرزاق. قال في فتوحاته، في الباب الثالث عشر (26): (روينا عن عون ابن مسرة الجبلي، من أكبر أهل الطريق علما وحالا وكشفا: العرش المحمول هو الملك، وهو محصور في جسم وروح و غذاء ومرتبة...) فآدم وإسرافيل للصور، وجبرئيل ومحمد للأرواح، و