شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٥٦٩
فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية معنى يهيم صاحبه مهيما. ومعنى الأول: فص معنى جعل صاحبه مهيما. و الهيمان إنما يحصل من إفراط العشق، وهو من إفراط المحبة، وهي أصل الإيجاد و سببه، كما قال تعالى: (كنت كنزا مخفيا، فأحببت أن أعرف) (1) - الخ.

(١) - قوله: (فص حكمة مهيمة). (الهيمان) هو الدهشة المفرطة من شهود جلال الجمال والحيرة فيه، كما يحصل عند ورود المعشوق بغتة، أو من تجلى الأسماء الجلالية القهرية. و نتيجته اندكاك جبل إنية السالك وجعل المجذوب صعقا. فبعض السالكين لفرط دهشتهم ومحبتهم، أو لسوء استعدادهم، أو نقصان مزاجهم، لا يمكنهم الرجوع إلى مملكتهم، فيبقون مجذوبين مهيمين، لا يعرفون غير الله ولا يعرفهم غير الله لصدور البهلولية عنهم في بعض الأحيان. قال تعالى: (أوليائي تحت قبابي لا يعرفهم غيري).
يشمل بعضهم العناية الإلهية بإعطاء الاستعداد بالفيض الأقدس ويرجعهم إلى مملكتهم غانمين في تلك التجارة، حيث صار عقل الكل عقلهم وروحهم روح الكل وجسمهم جسم الكل، كما ورد: (أرواحكم في الأرواح وأنفسكم في النفوس). فالكل من قاطني عالم الأرواح والأشباح مربون بتربيتهم، مدبرون بتدبيرهم، يتصرفون فيه كما شاء. ولا يحصل ذلك إلا بقرب الفرائض، كما أن نتيجة قرب النوافل هو التخلق بأخلاق الله والفناء الصفاتي، كما أشار إليه في الحديث القدسي بقوله: (كنت سمعه وبصره). وفي قرب الفرائض يصير العبد أذن الله الواعية وعين الله الناظرة، فالله تعالى ينظر به ويسمع به ويبطش به. (الامام الخميني مد ظله)
(٥٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 564 565 566 567 568 569 570 571 573 574 575 ... » »»