شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٥٧٤
و (الباء) في قوله: (بحيث) بمعنى (في). أي، يكون العرض في مكان جوهره لسريانه في جميع أجزاء الجوهر الذي هو المعروض. و (ما) بمعنى (ليس).
والضمير الذي بعده عائد إلى (التخلل). أي، ليس ذلك التخلل كتخلل جسم في جسم، ليكون أحدهما مكان الآخر، فيكون نسبة المتخلل إلى ما وقع فيه التخلل كنسبة المكان والمتمكن، فيلزم كون الحق ظرفا للتخليل، وفي عكسه حلول الحق فيه. وكلاهما باطلان. بل كتخلل اللون المتلون. وشبه المعقول بالمحسوس تفهيما للطالبين، إذ كل ما وقع في الشهادة دليل على ما هو واقع في الغيب.
(ولتخلل الحق وجود صورة إبراهيم، عليه السلام. وكل حكم يصح من ذلك). عطف على قوله: (لتخلله وحصره). أي، سمى الخليل خليلا لتخلله، ولتخلل الحق بظهور الهوية وسريانها في وجود إبراهيم في الخارج وعينه في العلم. وفي كل حكم يصح من ذلك الوجود من الصفات والكمالات اللازمة لتعينه.
والمراد ب‍ (الصورة) عينه الخارجي. وإنما تعرض تخلل الحق في علة التسمية، لأن تخلله، عليه السلام، اثر تخلله تعالى شأنه، إذ كل ما يظهر للعبد من الأحوال والكمالات إنما هو من تجليه باسمه (الأول) و (الباطن) وإيجاده في القلوب، فيكون التخلل من هذا الطرف في مقابلة التخلل من ذلك الطرف (4)

(٤) - لا يخفى أن تخلله، عليه السلام، وإن كان أثرا لتجلياته الذاتية في الحضرة الأسمائية - بل لتجليه بالفيض الأقدس الذي هو مقام (العماء) - إلا أن ذاك التخلل المذكور في الكتاب الذي هو نتيجة قرب الفرائض، غير ذاك التجلي، فإن قرب الفرائض لا يحصل إلا بعد قرب النوافل. فالقرب النوافلي استهلاك الأسماء والصفات، فيصير الحق سمعه ويده.
والقرب الفرائضي الاستهلاك الكلى الذاتي والصفاتي المستتبع لإبقاء العبد في بعض الأحيان، فيصير العبد سمع الحق وبصره. فإن حصول الولاية الكلية وظهور البرزخية الكبرى لا يحصل إلا بعد قرب الفرائض، وهو غاية المعراج الصعودي لنبينا، صلى الله عليه وآله، ولا يحصل لغيره من الأنبياء والأولياء إلا بالتبعية لا الأصالة. وبهذا التحقيق يظهر النظر في كلام الشارح. وأمثال ذلك منه غير بعيد. تدبر. (الامام الخميني مد ظله)
(٥٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 568 569 570 571 573 574 575 576 577 578 579 ... » »»