شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٥٧٥
ولكون علة التسمية ظاهرا تخلله، عليه السلام، قدمه في الذكر، ثم نبه بمبدأه.
والتخلل من إبراهيم، عليه السلام، نتيجة قرب النوافل، ومن الحق نتيجة قرب الفرائض.
وفي بعض النسخ: (أو لتخلل الحق). أي، سمى الخليل خليلا لتخلله وجود الحق. أو لتخلل الحق وجوده.
(فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه) تعليل لظهور الحق في أحكام يتبع وجود إبراهيم من صفاته وأفعاله. أي، الحق يتخلل وجود إبراهيم ويظهر فيه بالصفات الكونية، كالاستهزاء، والمكر، والتأذي، والسخرية، والضحك، و غير ذلك مما أخبر عن نفسه في قوله: (الله يستهزئ بهم ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين).، (إن الذين يؤذون الله ورسوله سخر الله منهم). وفي الحديث:
(ضحك الله مما فعلتما البارحة). فإن لكل حكم وصفة مقاما وموطنا دنيا و آخرة، في المراتب الإلهية يظهر ذلك الحكم به، أي بسبب ذلك الموطن وقابليته للظهور فيه، ولا يتعدى ذلك الموطن. أو يظهر الحق بذلك الحكم في ذلك الموطن، ولا يتعدى عنه في ذلك الموطن. ويؤيد الثاني ما بعده، وإن كان الأول أسبق إلى الذهن. ويجوز أن يكون (الباء) بمعنى (في). أي، يظهر ذلك الحكم والحق فيه، ولا يتعداه.
(ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص وبصفات الذم؟) استشهاد لتخلل الحق وجود العبد واتصافه بصفات الكون. وذلك كقوله: (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا).، (ولنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه).، (ومرضت فلم تعدني). و أمثال ذلك مما مر.
(ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها؟) استشهاد لتخلل العبد وجود الحق واتصافه بصفاته. (وكلها حق له). أي، وكل صفات الحق حق ثابت للمخلوق الذي هو الكامل بحكم (ولقد كرمنا بنى
(٥٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 569 570 571 573 574 575 576 577 578 579 580 ... » »»