شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٥٦٦
من ذلك - بين مجلي ومجلى، وإن كان صورة فيه، فتلك الصورة عين الكمال الذاتي، لأنها عين ما ظهرت فيه). الشرطية خبر المبتدأ الذي دخل عليه (أما). و (الفاء) الذي دخل عليها، جواب (أما). أي، وغير الذات الأحدية فما هو مجلي، أي مظهرا لها من جملة المظاهر، فليس له ذلك الكمال المستوعب، بل له نصيب منه.
وبحسبه يقع التفاضل بين المجلى والمجلى، على قدر الحيطة وعدم الحيطة، فنصيبه من العلو لا يكون إلا كذلك. وقوله: (أو صورة فيه) أي، اسم إلهي أو صفة ذاتية حاصلة في الذات الأحدية التي هي مسمى (الله). وإنما أطلق عليه (الصورة)، لأن الذات مختفية فيه اختفاء المعنى في الصورة، لذلك تعد الأسماء من جملة حجب الذات. أو لكون الذات مع صفة من الصفات تظهر بالصورة الاسمية المسماة ب‍ (المهية)، وهي التي تظهر في المظاهر الشخصية. وقوله من بعد: (ولا يقال هي هو، ولا هي غيره). وما نقل عن (أبى القاسم) يدل على أن المراد بالصورة، هنا (الاسم). أو نقول، المراد بالمجلى هو الاسم، وبالصورة الصفة. لكن الأول أنسب.
والحاصل، أن غير مسمى الله إما مجالي ومظاهر، أو أسماء. فإن كان من المجالي، فلا بد أن يقع بينهما التفاضل في مراتب العلو، وإن كان من الأسماء، فله ذلك الكمال الذاتي لاشتماله على الذات، أو لكون الاسم عين المسمى (17)

(17) - اعلم، هداك الله إلى أسمائه وصفاته وجعلك وإيانا من الخائضين في آياته، أنه كما أن العلو الذاتي ثابت لمسمى (الله)، أي الذات المتوحدة لجميع الأسماء والصفات بأحدية الجمع، فكذلك هو ثابت للعين الثابتة للإنسان الكامل، أي الحقيقة المحمدية، فإنها أيضا أحدية جميع الأعيان حاكمة عليها ومستجمعة إياها حكومة (الله) على سائر الأسماء و استجماعه إياها. فإن الضل حكمه حكم ذي الظل فان فيه، وكذلك هو ثابت للمشية المطلقة اسمه الأعظم في مقام الفعل طابق النعل بالنعل. وليس هيهنا مقام شرح ذلك. و قد استفيد تحقيقه من بعض رسائلنا في حقيقة الخلافة والولاية. (الإمام الخميني مد ظله)
(٥٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 561 562 563 564 565 566 567 568 569 570 571 ... » »»