(ليس علو المكان ولا علو المكانة، فإن علو المكانة يختص بولاة الأمر، كالسلطان والحكام والوزراء والقضاء وكل ذي منصب عال، سواء كانت فيه أهلية ذلك المنصب) كالسلطان العادل والوزير العاقل والقاضي الغير الجاهل. (أو لم تكن). كعكس ما ذكرناه. (والعلو بالصفات ليس كذلك) لأن العلى بعلو المكانة لا يبقى عليا عند زوالها عن ساعة، كانعزال السلطان والوزير والحاكم والقاضي عن مناصبهم، لأن العلو في الحقيقة للمرتبة لا لهم. والعلي بالصفات الإلهية لا يزول ذلك العلو عنه، فما بالك بالعلو الذاتي الذي هو أعلى مرتبة من الكل. وهذا تنبيه على أن العلو أربعة اقسام: أعلاها العلو الذاتي، ثم الصفات، ثم المرتبي، ثم المكاني. والحق (على) بجميع الأقسام، جمعا و تفصيلا، وللإنسان نصيب منها. ولما كان العلى بالعلو الصفاتي في بعض الصور تحت سلطنة من له العلو بالمنصب، كتحكم السلطان الجاهل والوزير الغير العاقل على من هو أعلم الناس وأعقلهم. قال معللا: (فإنه قد يكون أعلم الناس يتحكم فيه من له منصب التحكم، وإن كان أجهل الناس).
قوله: (فهذا على بالمكانة، بحكم التبع، ما هو على في نفسه، فإذا عزل زالت رفعته، والعالم ليس كذلك). أي، فهذا الجاهل على بعلو المكانة، بحكم التبعية، وليس عليا في نفسه وذاته، فإذا نزل ونزع منه ثياب المنصب، تزول رفعته، وتظهر فضيحته، والعالم ليس كذلك. فإن العلم مما يبقى أبد الآبدين، ولا يزال صاحبه من العالمين. والحمد لله رب العالمين.