إظهارا لهذا السر: (فظهر بصورة كبش من ظهر بصورة الإنسان). أي، الظاهر بهذه الصورة الكبشية هو الذي ظهر بجميع الصور الإنسانية وغيرها، لأن الحقيقة الكلية إذا تعينت بتعين كلي، تصير نوعا من الأنواع، وعند تعينها بتعين جزئي، يصير شخصا من الأشخاص. فالظاهر في تعين شخصي من نوع، هو بعينه ظاهر في نوع آخر وأفراده. ألا ترى أن الحقيقة الحيوانية كما ظهرت في الصورة الإنسانية، كذلك ظهرت في الصورة الفرسية والغنمية وغيرها. فما فدا من نفسه بما هو أدنى منه، فإن الدنى لا يكون فداء للشريف.
(فظهر بصورة ولد، لا بل بحكم ولد من هو عين الوالد). أي، فظهر بصورة الولد من كان ظاهرا في صورة الوالد، وهو المتجلي الحقيقي في المظاهر كلها. ثم أضرب إثباتا لحكم الولدية بقوله: (لا، بل ظهر بحكم ولد). أي، بصورة المرتبة الولدية وأحكامها، لأن صورة الولد والوالد بحكم اتحاد الحقيقة النوعية واحدة، والمغايرة في حكم الولدية والوالدية في الصورة الشخصية لا غير.
((وخلق منها زوجها) فما نكح سوى نفسه، فمنه الصاحبة والولد، والأمر واحد في العدد). لما كان خلق حواء من عين آدم، عليه السلام، موافقا لما هو في تقريره، نقل الكلام إليه استشهادا لما ذكره، فإن آدم وحوا يجمعهما حقيقة واحدة، ويميزهما تعين كل منهما من الآخر. فبالاعتبار الأول، ما ظهر بصورة آدم هو الذي ظهر بصورة حواء، وهو المستشهد لقوله: (ظهر بصورة الولد... من هو عين الوالد). لأنها أيضا ولد آدم وإن لم يسم بالولد. وقوله: (فما نكح سوى نفسه) استشهاد لقوله: (فما رأى يذبح سوى نفسه. فمنه الصاحبة والولد) بظهور حقيقته في صورتهما، وليس الأمر إلا واحد، كظهور الواحد في العدد.
(فمن الطبيعة؟ ومن الظاهر منها؟ وما رأيناها نقصت بما ظهر منها، ولا زادت بعدم ما ظهر). أي، إذا كان الأمر في نفسه واحدا، فمن الذي يسمى بالطبيعة سوى الوجود الحق؟ ومن الظاهر من الطبيعة سوى أفرادها من أعيان الموجودات؟ ولا ينقص منها شئ بالظهور، ولا يزيد بعدم الظهور كالإنسانية، إذا النقصان والزيادة من خواص الأجسام.