(فانظر ما ذا ترى) أي، أنظر أيها السالك طريق الحق ما ذا ترى من الوحدة والكثرة جمعا وفرادى، فإن كنت ترى الوحدة فقط، فأنت مع الحق وحده لارتفاع الإثنينية، وإن كنت ترى الكثرة فقط، فأنت مع الخلق وحده، وإن كنت ترى الوحدة في الكثرة محتجبة والكثرة في الوحدة مستهلكة، فقد جمعت بين الكمالين وفزت بمقام الحسنيين.
(قال يا أبت افعل ما تؤمر) ولما كانت نسبة السالك إلى الشيخ المكمل نسبة الولد إلى والده، نقل الكلام إلى حكاية إبراهيم، عليه السلام، مع ولده. وقول المريد للشيخ: (إفعل ما تؤمر) عبارة عن تسليمه بين يديه، وإشارة إلى أن فعله ليس من نفسه، بل من ربه، فإنه واسطة بين السالك وربه. (والولد عين أبيه) بحكم اتحاد الحقيقة وفيضانه من جميع أجزاء وجوده وكونه بعضه، وإن كان غيره من حيث تعينه وتشخصه (14) (فما رأى يذبح سوى نفسه) وذبحه صورة إفنائه من إنانيته (15) (و (فداه بذبح عظيم)) (الذبح)، بكسر الذال، ما يذبح. وإنما وصفه ب (عظيم) لأن الظاهر بتلك الصورة هو الذي له العظمة التامة. ثم قال