شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٥٥٠
(فوجود الكثرة في الأسماء هي النسب، وهي أمور عدمية). أي، إذا كانت الذات واحدة، فالكثرة في أسمائها وصفاتها. وتلك الأسماء ذات مع كل واحدة من الصفات. فالكثرة في الصفات والصفات نسب معقولة ليست أمورا عينية، فهي أمور عدمية بالنسبة إلى الخارج، إذ لا أعيان لها فيه مجردة عن المظاهر، وإن كانت وجودية في العقل وفي المظاهر ضمنا. أو نقول، إن الأسماء لكونها ليست حقائق موجودة متميزة بوجودها عن وجود الحق، بل وجودها عين وجود الحق، كانت نسبا واقعة على الوجود الحق المطلق، حاصلة بينه وبين الأكوان التي هي الموجودات المقيدة.
أما كون أسماء الأفعال نسبا، فظاهر، لأن (الباري) و (الخالق) و (المبدع) و (الرزاق) وأمثالها بالنسبة إلى المخلوق والمبدع والمرزوق.
وأما أسماء الصفات، ف‍ (العليم) و (الرحيم) و (السميع) و (البصير)، فإنها أيضا بالنسبة إلى المعلوم والمرحوم والمسموع والمبصر.
وأما أسماء الذات، كالاسم (الله) و (الرب) و (القيوم)، فإنها أيضا من وجه نسب وإن كانت من وجه آخر غيرها (7) فإنها يقتضى المألوه والمربوب وما يقوم به

(٧) - ويمكن أن يكون المراد بالنسب التي هي أمور عدمية المفاهيم العقلية، أعم من الأسماء الفعلية والأسماء الصفتية والأسماء الذاتية، حتى باعتبار الذي لم يكن مربوطا بالخلق. ولا مانع عن التعبير عنها بالنسبة، فإنها في العقل منسوبات إلى الذات وإنما قلنا ذلك، فإن المقصود نفى الكثرة عن الذات مطلقا. وعلى ما ذكره الشارح، لا ينفى الكثرة عن الأسماء الذاتية بالاعتبار الذي لم يكن منسوبا إلى الخلق، على أن الإلتزام بأن في كل الأسماء الذاتية جهة ارتباط، محل نظر وبحث. وإن قال شيخنا العارف الكامل، روحي له الفداء: إن الاسم في اصطلاح القوم، عبارة عن الذات مع الخصوصية التي تصير منشأ الأثر في العين حتى أن (الحي) و (الرب) بمعنى الثابت أيضا منشئان للأثر، فإن ذوات الحياة تحت اسم الحي، كما أن الثابتات والجواهر مستندة إلى الثابت. وليس تحقيق هذا العارف الكامل، دام ظله، مخالفا لتقسيم الشيخ الكبير، محيي الدين (الأسماء إلى الذاتية وغيرها) على ما سبق في مقدمات الكتاب. فإن الأسماء الذاتية، باصطلاحه، هو الأسماء التي غلب عليها جهة الذات، وهذا لا ينافي وجود جهة الربط إلى الخلق فيها هذا. ولكن التحقيق، عند نظري القاصر، أن بعض الأسماء يكون بنفسه منشأ للأثر، وبعضها يكون منشأ للآثار بالتبعية والتطفل لاسم آخر، وإن كان كل الأسماء، باعتبار آخر، تبعا للإسم (الله) المحيط الحاكم على الأسماء كلها، وهو اعتبار استهلاك كل الأسماء في عين الاسم الجامع الأعظم. ولكن العارف لا بد وأن ينظر إلى الكثرة والتفصيل أيضا، والمنظور هذا النظر. وفي هذا الاعتبار قد لا يكون الاسم منشأ للأثر بذاته، كالحياة والرب بمعنى الثابت. والحياة الموجودة في العالم ليست مستندة إلى ذاك الاسم، بل مستندة إلى اسم يكون الحياة لازمة أو تابعة إياه. وأما ما أفاد من أن الاسم ما كان منشأ للآثار، فلم نتحققه، وإن كان الاصطلاح على ذلك، فإنه، دام ظله، أعرف باصطلاحاتهم. وكيف كان، فالنسب العقلية هي مفاهيم الأسماء والصفات في النشأة العقلية، وهي أمور عدمية في العين. (الإمام الخميني مد ظله)
(٥٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 545 546 547 548 549 550 551 552 553 554 555 ... » »»