للمضاهات بينه وبين الحق. ((ولوالدي) من كنت نتيجة عنهما، وهما العقل والطبيعة). وإنما فسر الوالدين بالعقل والطبيعة، لأنهما مظهرا حقيقة آدم وحوا في العالم الروحاني. ولكون العقل فعالا والطبيعة منفعلة، خص العقل بالأبوة والطبيعة بالأمومة. والمراد بالعقل ههنا، هو الروح، كما هو اصطلاح أهل التصوف، لا القوة النظرية والمفكرة، وبالطبيعة، النفس المنطبعة، ونتيجتهما القلب.
((ولمن دخل بيتي) أي قلبي). حين فنى عن نفسه وهواه. وجعل (القلب) مستقر الحق ومأواه. ((مؤمنا) أي، مصدقا بما يكون فيه) أي، بما يحصل في القلب. (من الإخبارات الإلهية) إنما جعل الواردات القلبية والإلهامات الروحية (إخبارات إلهية)، لأن القلب والروح مطهر عن الأجارس البدنية ومقدس من الكدورات الجسمانية، وكلما يرد عليهما مطابق لما هو الأمر عليه في نفسه، فهو رباني. لذلك قيل: إن الخواطر الأول كلها ربانية حقية، وإنما يتطرق إليها من تعملات النفس وتصرفاتها أمور تخرجها عن الصواب، فتصير أحاديث نفسانية و وساوس شيطانية.
(وهو) أي، ما يكون وما يحصل فيه من الإخبارات الإلهية. (ما حدثت به أنفسها).
(أنفسها) فاعل (حدثت). وفي بعض النسخ: (أنفسهم).
والضمير للمذكرين في الآية أنثه باعتبار (النفوس). فهو تعريف ما للخبر الإلهي الذي لا يكون بواسطة الملك. ولا ينبغي أن يتوهم أن كل ما يحصل في النفوس هو كذلك، بل هذا المقام لمن تطهر من الأدناس نفسه، وأجاد وأسلم شيطانه و انقاد، ولا يوسوس الخناس في صدره وعرف جميع مكائد نفسه، فإذا خطر في قلبه خاطر أولا، يكون ذلك حديثا ربانيا، والحق ناطقا بلسانه، كما نطق بلسان غيره.
((وللمؤمنين) من العقول (والمؤمنات) من النفوس). وإنما فسر (المؤمنين) بالعقول، أي المجردات، لأن نفوسهم فعالة في نفوس غيرهم مؤثرة بالهمة فيها، بل في العالم على قدر قربهم ونصيبهم من الاسم (القادر) وكمالهم من الله،