بالله كما يلزم العجز. فحملها عليه مجازا، حمل اللازم على الملزوم، كما حمل الإدراك على العجز مجازا في قولهم: (العجز عن درك الإدراك إدراك). حمل الملزوم على اللازم، لأن العجز عن إدراك الحق على ما هو عليه وحقيقته، إنما يلزم من غاية العلم بالله وجهاته المتكثرة المحيرة للناظر فيها.
((فادخلوا نارا) في عين الماء). أي، فادخلوا في نار المحبة والشوق حال كونهم في عين الماء. أو نارا كائنة في عين الماء، ليفنيهم عن أنفسهم ويبقيهم بالحق. وإنما قال: (في عين الماء) لأن نار المحبة المفنية لهم بأنوار سبحات وجه الحق، حصلت لهم واستولت عليهم في عين العلم بالله. و (الماء) صورة العلم.
(في المحمديين: (وإذا البحار سجرت) من سجرت التنور إذا أو قدته).
أي، جاء في حق المحمديين: (وإذا البحار سجرت) أي أوقدت. تقول:
سجرت التنور إذا أو قدته. والغرض، أن بحار الرحمة الذاتية التي هي خاصة بالكاملين يظهر بصورة النار، وهي نار القهارية التي بها يقهر الحق الأغيار و يفنيهم ليبقيهم بذاته، كما جاء: (حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات). فظاهر الشهوات ماء وباطنه نار، وظاهر الجنة نار وباطنه ماء.
لذلك قال بعض العارفين من الصحابة - حين قال النبي، صلى الله عليه وسلم : (أنا القاسم بين الجنة والنار) -: (يا قاسم الجنة والنار، إجعلني من أهل النار).
فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (تريد أن تكون من أصحاب القيامة الكبرى).
((فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا)، فكان الله عين أنصارهم، فهلكوا فيه إلى الأبد).) أي، حين ادخلوا في نار القهر والإفناء بتجلي القهار لهم، لم يجدوا لهم ناصرا ينصرهم غير الله. وفي هذا المعنى الجمعي شاهدوا أن أنصارهم في جميع المقامات، الذين نصروهم في سلوكهم من المكملين وأخرجوهم من المضائق، وكانوا مظاهر الله، فكان الله عين أنصارهم دنيا وآخرة، فهلكوا في الحق وفنوا في ذاته أبدا وحيوا بحياته سرمدا، وتبدلت بشريتهم بالحقيقة، كما