الفرقان، أي بين الحق والخلق الذي هو المظاهر، أو بين التشبيه والتنزيه.
والكمال التام القرآن، أي الجمع بينهما، لأنه مأخوذ من (القرء) وهو الجمع. و ليس ذلك مقامه، وإلا كان الواجب عليه أن يأتي بالقرآن الجامع بين التشبيه والتنزيه ليؤمنوا به وبربه، إذ السعي والاجتهاد على الأنبياء، بكلما يقدرونه، واجب عليهم.
ويجوز أن يكون (علم) بتشديد اللام، من (التعليم) عطفا على (أشار). أي، أشار بهذا القول: وعلم العلماء أنهم إنما لم يجيبوا دعوته لإتيانه بالفرقان.
(ومن أقيم في القرآن لا يصغى إلى الفرقان) أي، ومن أقيم في مقام الجمع بين التشبيه والتنزيه، كنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، لا يصغى إلى قول من يقول بالفرقان المحض كالمنزه وحده، كنوح عليه السلام، والمشبه وحده ، كقومه. فمن يكون قائلا بالشق الآخر من الفرقان، وهو التشبيه، فهو بالطريق الأولى أن لا يصغى إلى قول من يقول بالتنزيه المحض فقط. ومن أقيم في مقام الجمع الذي هو حق بلا خلق، كالمجذوبين والموحدين الصرفة، لا يقدر على إصغاء مرتبة الفرق بين الحق والخلق وبين التنزيه والتشبيه، كما يقدر على إصغائه الكامل، فإنه يرى الخلق في مقامه، والحق في مقامه، ويجمع بينهما في كل من المقامين، كذلك في التشبيه والتنزيه.
(وإن كان فيه، فإن القرآن يتضمن الفرقان والفرقان لا يتضمن القرآن).
(إن) للمبالغة. أي، وإن كان الفرقان حاصلا في القرآن. فإن القرآن لكونه مقام الجمع يتضمن الفرقان، وهو مقام التفصيل، فيجمع صاحبه بينهما. فما يحكم عليه الفرقان، من التشبيه والتنزيه، أجزاء لمقام القرآن دون العكس.
ويجوز أن يعود ضمير (كان) إلى (من). أي، وإن كان من أقيم في القرآن ومقام الجمع هو في حين الفرقان، لأنه محجوب بالحق عن الخلق، و بالجمع عن الفرق، (ولهذا ما اختص بالقرآن إلا محمد، صلى الله عليه وسلم، وهذه الأمة التي