شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٥١٧
هي (خير أمة أخرجت للناس).) أي، ولكون المقام القرآني الجمعي بين مقامي التنزيه والتشبيه أكمل من مقام كل منهما، ما اختص به إلا محمد، صلى الله عليه و سلم، لأنه مظهر الاسم الأعظم الجامع للأسماء، فله مقام الجمع وبتبعيته لأمته التي هي خير أمة.
(فليس كمثله، فجمع الأمر في أمر واحد). (فجمع) يجوز أن يكون مبنيا للمفعول، أي، اختص محمد، صلى الله عليه وسلم، بهذا المقام. فذكر فيما أنزل إليه: (ليس كمثله شئ) فجمع بين مقامي التنزيه والتشبيه في كلام واحد.
ويجوز أن يكون مبنيا للفاعل. فمعناه: اختص محمد، صلى الله عليه وسلم، بمقام الجمع، فجاء بقوله تعالى: (ليس كمثله شئ) فجمع بين المقامين. فمقامه جامع بين الوحدة والكثرة، والجمع والتفصيل، والتنزيه والتشبيه، بل جميع المقامات الأسمائية، لذلك نطق القرآن المجيد بكلها.
(فلو أن نوحا، عليه السلام، أتى بمثل هذه الآية لفظا، أجابوه). أي، بمثل قوله تعالى: (ليس كمثله شئ). (فإنه) أي فإن النبي، صلى الله عليه وسلم.
(شبه ونزه في آية واحدة بل في نصف آية). الآية هي: (ليس كمثله شئ، و هو السميع البصير). ونصفها: (ليس كمثله شئ). والنصف الآخر: (و هو السميع البصير). فإن في كل من النصفين تشبيها وتنزيها، كما مر بيانه (19)

(19) - قوله: (كما مر بيانه). ما مر من البيان منه كون التشبيه والتنزيه باعتبارين في كل من الفقرتين. وليس المقصود ذلك، فإنه ليس جمعا بينهما ومراده الجمع، كما لا يخفى. فلعل المراد من الجمع بينهما هنا في قوله: (ليس كمثله شئ). أن عدم المثلية يلازم الإحاطة التامة بنحو ظهور الواحد في مراتب الكثرات، والظهور الكذائي هو التشبيه. فالآية الشريفة جامعة بينهما. وفي قوله: (هو السميع البصير) أظهر، فإن السمع الثابت للممكنات والبصر الحاصل لهم، إذا كانا له تعالى، بعين ثبوتهما لهم، كان هو الظاهر المحيط في مراتب الكثرات ومرائي الممكنات، فإذا كان هو المحيط الظاهر فيهم، لم يكن كأحدهم، فنزه وشبه في نصف آية باعتبار واحد. ويمكن أن يكون نصف آية هو مجموع الفقرتين، فإن الظاهر أنهما متممين للآية، فراجع. (الإمام الخميني مد ظله)
(٥١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 512 513 514 515 516 517 518 519 520 521 522 ... » »»