شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٤٤٠
الذي لمرتبته الكلية، ولذلك قال في أول الفتوحات في المشاهدة: (فرآني، أي رسول الله، وراء الختم لاشتراك بيني وبينه في الحكم). فقال له السيد: هذا عديلك وابنك وخليلك. و (العديل) هو المساوي. قال في الفصل الثالث عشر (13) من أجوبة الإمام محمد بن على الترمذي، قدس سره. (الختم ختمان:
ختم يختم الله به الولاية مطلقا، وختم يختم به الله الولاية المحمدية (14) فأما ختم الولاية على الإطلاق فهو عيسى (ع). فهو الولي بالنبوة المطلقة في زمان هذه الأمة، وقد حيل بينه وبين نبوة التشريع والرسالة. فينزل في آخر الزمان وارثا خاتما لا ولى بعده، فكان أول هذا الأمر نبي وهو آدم، وآخره نبي وهو عيسى، أعني، نبوة الاختصاص. فيكون له حشران: حشر معنا، وحشر مع الأنبياء والرسل. وأما ختم الولاية المحمدية (15) فهو لرجل من العرب من أكرمها أصلا و

(١٣) - الصحيح على ما في الفتوحات: (السؤال الثالث عشر). (جلد ٢، ص ٤٩). (ج) (١٤) - في الفتوحات: (ختم يختم الله به الولاية من دون كلمة (مطلقا) وختم يختم الله به الولاية المحمدية). (ج) (١٥) - قوله: (وأما ختم الولاية المحمدية...) قال شيخنا الأقدم العارف البارع المحقق، أفضل المتأخرين، برهان الحق والحقيقة، آقا ميرزا محمد رضا قمشه‌اى (رض): فنقول:
(* اين تعليقه را، كه رساله‌اى است مستقل، آقا ميرزا هاشم اشكورى با خط ظريف وخوش خود از روى تااليق استاد خود استنساخ وآن را به مرحوم آقاى حاج ميرزا محمود، تاجر قزوينى، كه شخص فاضل وتحصيلكرده واز تجار بنام بود، تقديم كرده است. حاج ميرزا محمود جمعه‌ها مجلس روضه برپا مى نمود ومنزل او مجمع فضلا وعلماى طهران و محل بحث ومناظره علما بود وگويا در همين منزل زمان پدر حاج ميرزا محمود، شيخ العراقين، شيخ عبد الحسين طهرانى، داماد صاحب جواهر، شناخته شد. ومرحوم امير نظام ميرزا تقى خان امير كبير، اعلى الله مقامه، مقدم اين عالم بزرگ را، كه با فقر شديد دست وپنجه نرم مى كرد، گرامى داشت (ج)) (الولاية) من (الولي)، بمعنى (القرب).
وهي إما عامة يعم جميع المؤمنين وإليها أشير في قوله تعالى: (الله ولى الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور). فإنه تعالى إذا كان وليا للذين آمنوا، كانوا أولياء الله، لأن القرب أمر إضافي يتصف به الطرفان. والإيمان له مراتب ودرجات:
منها، اعتقاد جازم ثابت مطابق للواقع من دون برهان، كاعتقاد المقلد، فإنه ليس مستندا ومأخوذا من البرهان وإنما استناد إلى مخبر صادق.
ومنها، (العلم اليقيني) الجازم الثابت المطابق للواقع المعبر عنه باليقين العلمي المستند إلى البرهان، وهو أقوى وأرفع من الأول، كإيمان أهل النظر.
منها، العلم الشهودي الإشراقي المطابق للواقع المعبر عنى بالكشف الصحيح و (عين اليقين)، وهذا أقوى من المرتبتين السابقتين، كإيمان أهل السلوك وأرباب الكشوف.
ومنها العلم الشهودي الإشراقي أيضا المطابق للواقع لكن الشاهد عين المشهود و المشهود عين الشاهد، المعبر عنه ب‍ (حق اليقين). و يمكن أن يكون المؤمن في بعض العقايد علمه علم اليقين، وفي بعضها عين اليقين، و في بعض آخر حق اليقين، وهذا أقوى من المراتب السابقة. وكل هؤلاء أوليائه تعالى، و الله وليهم، ويتفاوت درجاتهم حسب درجات إيمانهم، ولا تخلص لهم عن الشرك الخفي.
وأما خاصة تختص بأصحاب القلوب وأهل الله الفانين في ذاته الباقين ببقائه، صاحبي قرب الفرائض.
(* نگارنده در شرح خود برسالهء قيصرى مشكلات را نيز تقرير نموده وبرخى از اصطلاحات را مفصل شرح مى نمايم.) وإليها أشير في قوله تعالى: (ألا، إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون). وفي الحديث القدسي بقوله تعالى: (أوليائي تحت قبابي لا يعرفهم غيري). و هذه الولاية تختص بالكاملين، قد نضوا جلباب البشرية وخلعوها وتجاوزا عن قدس الجبروت ودخلوا في قدس اللاهوت، وهم الموحدون حقا. وهذه الولاية أيضا لها درجات: أولها، فناء العبد في ذاته تعالى بالتجلي الإلهي وبقاؤه به بخلع الوجود الإمكاني و لبس الوجود الحقاني في نهاية السفر الأول من الأسفار الأربعة وابتداء السفر الثاني منها، و هو السفر في الحق بالحق، بالتجليات الأسمائية، وهذا مقام (قاب قوسين): قوس من ابتداء المرتبة الواحدية إلى آخرها بالشؤون الإلهية، وقوس من مرتبة الواحدية إلى الأحدية بالتجليات الذاتية وشؤونها. وتلك الولاية تختص بمحمد، صلى الله عليه وآله، ومحمديين من أوصيائه وورثته بالتابعية له، صلى الله عليه وآله.
وأما الأنبياء السابقون وأوصيائهم المرضيون أن حصل لهم تلك حصل لهم على أن يكون حالا، لا على أن يكون مقاما، يدل على ذلك رؤية الخاتم، صلى الله عليه وآله، كبرائهم في السماوات ليلة الإسراء، كل منهم في سماء، إما بمرتبتها النفسانية، أو العقلانية. والنفس والعقل، أي النفوس الكلية وعقولها القدسية، أوليائه بالولاية العامة، لو لا الولاية الخاصة، لأن وجوداتهم وجودات إمكانية، ليست وجودات حقانية، فإن الوجود الحقاني وجود جمعي إلهي، ووجودات هؤلاء وجودات فرقية إمكانية:
نه فلك راست ميسر نه ملك را حاصل * آنچه در سر سويداى بنى آدم از اوست كلامنا في المقام لا في الحال. فالولاية الخاصة، وهي الولاية المحمدية، قد يكون مقيدا باسم من الأسماء وحد من حدودها، وقد يكون مطلقة عن الحدود معراة عن القيود، بأن يكون جامعة لظهور جميع الأسماء والصفات واجدة لأنحاء تجليات الذات. فالولاية المحمدية مطلقة، ومقيدة. ولكن منهما درجات: للمقيدة بالعدة، وللمطلقة بالشدة.
فلكل منهما خاتم. فيمكن أن يكون عالم من علماء أمته خاتما لولايته المقيدة، ووصى من أوصيائه خاتما لولايته المطلقة. وقد يطلق الولاية المطلقة على الولاية العامة، والولاية المقيدة المحمدية على الولاية الخاصة. وبما قررنا يندفع التشويش والاضطراب في كلماتهم، ولا يناقض العبارات ولا يخالف الديانات.
فنقول القول المستأنف تفريعا وتقريرا لما سلف: إن أمير المؤمنين، على بن أبى طالب، عليه الصلاة والسلام، خاتم الأولياء بالولاية المطلقة المحمدية بالإطلاق الأول، وخاتم الولاية المقيدة المحمدية بإطلاق الثاني، وعيسى بن مريم، على نبينا وآله وعليه السلام، خاتم الولاية المطلقة بالإطلاق الثاني. ولا بأس بأن يكون الشيخ المشاهد، قدس سره، خاتم الولاية المقيدة المحمدية بإطلاق الأول. والمهدى القائم المنتظر، عجل الله تعالى فرجه، خاتم الولاية المطلقة بالمعنى الأول، وخاتم الولاية المقيدة بالمعنى الثاني. والفرق بينه، عليه السلام وأرواحنا فداه، وبين جده أمير المؤمنين، على بن أبى أبي طالب، عليهما السلام، مما سيأتيك. فالآن نقول تقديما لبيان وجه اختصاص كل واحد منهم، عليهم السلام، بما نسبناه إليه من مقام الختمية. وليس المراد بخاتم الأولياء من لا يكون بعده ولى في الزمان، بل المراد أن يكون أعلى مراتب الولاية وأقصى درجات القرب مقاما له، بحيث لا يكون من هو أقرب منه إلى الله تعالى، ولا يكون فوق مرتبته في الولاية والقرب مرتبة.
فالولي الحق والخاتم المطلق، في القرب والولاية، سيد الأولين والآخرين ومحتد السابقين واللاحقين، خاتم الأنبياء والمرسلين، محمد، صلى الله عليه وآله. فإنه أقرب إليه تعالى من جميع ما سواه، لأنه المظهر لاسم (الله) الجامع لجميع الأسماء وآدم الحقيقي الذي خلقة الله على صورته، بل هو عين ذلك الاسم الجامع بحكم المظهرية، فإن المظهر عين الظاهر وصورته والاسم عين المسمى، والتميز بنحوي الظهور، أي، الظهور بالذات و الظهور بالصفات. وهذا التمايز والتفارق ليس لقصوره في طور التجلي، بل لامتناع كون التجلي في مرتبة المتجلي. لكن الولاية إذا اشتدت وقويت، يتغطى غطاء النبوة ويكتسي كساء الرسالة فيختفي فيهما ويستتر بهما، وفيه سر عظيم وحكمة بالغة. ولا نبالي أن نشير إليه، فإن الصدور ساذجة والقلوب واسعة. والحمد لله الواسع العليم.
فنقول: إن الله جعل وليه في عباده وأودع حبيبه في أمنائه، فإن عباد الله أمناء الله، لأن العبودية هي الانقياد، والعبد لا يتخطى من أمر سيده ومولاه: (وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه). وذلك القضاء هو نفس كونهم عبادا له تعالى. ووجب على الأمين أن يرد الأمانة إلى صاحبها، والعوارض الغريبة عائقة عن رد تلك الوديعة، فوجب على ذلك الولي، بحكم كونه رحمة للعالمين، أن يمدهم في رد تلك الوديعة. وليس ذلك الرد إلا رجوعهم إليه تعالى، لأن الوديعة ليست إلا ذواتهم وأنفسهم. فمن رحمته لهم أن يستوى طريقهم و يهديهم إلى صراط مستقيم، ولا صراط إلا هو مستقيم لقوله تعالى: (إهدنا الصراط
(٤٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 435 436 437 438 439 440 440 440 440 440 440 ... » »»