الصورة؟ وما شأنها؟ وأين محلها؟ فهي منفية ثابتة، موجودة معدومة، معلومة مجهولة. أظهر الله سبحانه هذه لعبده ضرب مثال ليعلم ويتحقق أنه إذا عجز و حار في درك حقيقة هذا، وهو من العالم ولم يحصل عنده علم بتحقيقه، فهو بخالقها أعجز وأجهل وأشد حيرة). هذا ما لقيته من كلامه في هذا الباب. و ذهب بعضهم إلى أن الصورة المرئية إنما هي في العالم الخيالي ومقابلة الجرم الصقيل شرط لظهورها فيه. ولو كان كذلك، لكان يظهر للناظر في المرآة صورة أخرى غير صورة مقابلها، (11) كما يظهر فيما يستعمله المعزمون من صورة الجن و غيرها.
(وإذا ذقت هذا، ذقت الغاية التي ليس فوقها غاية في حق المخلوق، فلا تطمع ولا تتعب نفسك في أن ترقى في أعلى من هذا الدرج فما هو ثمة أصلا، وما بعده إلا العدم المحض) أي، إذا وجدت هذا المقام بالذوق والوجدان، لا بالعلم والعرفان، وحصل لك هذا التجلي الذاتي، فقد حصل لك الغاية وانتهيت إلى النهاية لأن منتهى أسفار السالكين إلى الله هو الذات لا غير. وقوله: (في أن ترقى) متعلق ب (لا تطمع). و (في أعلى) متعلق ب (ترقى). ضمنه معنى الدخول فعداه ب (في) لأنه يتعدى بنفسه وب (على) لا ب (في). يقال: رقاه. إذا صعده. أو، رقا عليه. إذا صعد عليه. ولا يقال: رقى فيه. كمالا يقال: صعد فيه. إلا عند تضمنه معنى الدخول. والضمير في قوله: (فما هو) عائد إلى (المقام) الذي يدل عليه قوله: (أعلى) بحسب المعنى. و (ثمة) أيضا إشارة إلى المقام.
أي، فليس في هذا المقام الذي وصلت إليه، وهو الوجود المحض، مقام آخر تصل إليه أصلا، إذ ليس بعد الوجود المحض إلا العدم المحض.
واعلم، أن ظهور عينه له عين ظهور الحق له ورؤية صورته عين رؤيته الحق، لأن عينه الثابتة ليست مغايرة للحق مطلقا، إذ هي شأن من شؤونه وصفة