شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٤٤٠
فضاء الوجوب واللاهوت بفناء ذواتهم فيه وبقائهم به. ولأجل عدم تلك الجامعية ليس ولاية عيسى، عليه السلام، ولاية المحمدية، فإنه خاتم الولاية العامة للمؤمنين وحسنة من حسنات خاتم الولاية الخاصة المحمدية، وهو المهدى الموعود المنتظر، عجل الله فرجه. و لذلك كان عيسى تابعا له وناصرا إياه، كما أن إبليس ودجال من سيئات ذلك القائم الموعود و (الحسنات يذهبن السيئات).
(* شارح محقق فصوص، مولانا عبدالرزاق كاشانى، وشارح محقق شيخ كبير، قونيوى (قدهما) خاتم ولايت خاصهء محمدى را مهدى موعود دانسته اند وتصريح نموده اند كه ولايت او بلا واسطه منسوب به حق، وخاتم ولايت عامه، يعنى عيسى (ع) حسنهاى از حسنات مهدى موعود است (ج)) فلا تتعجب عما سمعت فإن الأولين والآخرين من ظهوراته وشؤوناته، والدليل هو قولهم إرشادا لنا: (وأرواحكم في الأرواح و أجسامكم في الأجسام، وأجسادكم في الأجساد، وقبوركم في القبور). والكل جموع، محلاة بالألف واللام، تدل على العموم. وإبليس ليس بخارج عن تلك الجموع و عموماتها، وكذلك الدجال. قال قطب العارفين، الشيخ محيي الدين، في فتوحاته:
ألا إن ختم الأولياء شهيد * وعين إمام العالمين فقيد هو القائم المهدى من آل أحمد * هو الصارم الهندي حين يبيد هو الشمس يجلو كل غم وظلمة * هو الوابل الوسمي حين تجود (* اين شعار در فتوحات است وشيخ اكبر آن را در شأن حضرت مهدى موعود سروده است. رجوع شود به فتوحات مكية، جزء ثالث، طبع دار الكتب العربية بمصر معروف بن چاپ كشميرى، ص 327 - 329. قبل از اين اشعار شيخ گويد: " واعلم، أيدنا الله، أن لله خليفة يخرج و قد امتلات الارض جورا و ظلما، فيملؤها قسطا وعدلا. لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد، طول الله ذلك اليوم حتى يلى هذه الخليفة من عترة رسول الله من ولد فاطمه (ص) يواطى إسمه اسم رسول الله، جده الحسين بن على، يبايع بن الركن والمقام، يشبه رسول الله فى خلقه وينزل عنه فى الخلق، لانه لايكون أحد مثل رسول الله فى أخلاقه. (ج)) فخاطبه إمام العالمين. و (العالمين) جمع محلا بالألف واللام ويفيد العموم. وعيسى، عليه السلام، من العالمين، والروح أيضا من العالمين، وهو إمامهم. وإن قرأت (العالمين)، بكسر اللام، فعيسى والروح أيضا داخلان في عموم العالمين، لأنهما من العلماء، بل الراسخين. فنص، قدس سره، بإمامته لعيسى، عليه السلام، والروح.
فاسمعوا بسمع القبول ولا تتبعوا الهوى، فإن الهوى يخرجكم من النور إلى الظلمات، فتكونوا أصحاب النار وتكونوا فيها خالدين.
وإذا عرفت مراتبهم في نزول الوجود، فاعرفهم في صعوده أيضا لقولهم: (نحن السابقون اللاحقون). أي، هويتنا الصاعدة، لاحقة بهويتنا السابقة النازلة. وإن شئت زيادة توضيح في البيان، فاستمع لما يتلى عليك. فلنحقق حقيقة الولاية بقول مستأنف، فنقول: الولاية حقيقة كلية إلهية، كسائر الحقائق الكلية الإلهية، يظهر حكمه في جميع الأشياء من الواجب والممكن، فهو رفيق الوجود ويدور معه. وكما أن الوجود بحسب الظهور له درجات متفاوتة بالكمال والنقص والشدة والضعف، كذلك الولاية لها درجات متفاوتة بالكمال والنقص والشدة والضعف، ويقال لها ويحمل عليها بالتشكيك. فإنه بمعنى القرب. ولا أقرب منه تعالى بالأشياء في مقامي الجمع والفرق و الإجمال والتفصيل. كيف لا؟ وهو عين الأشياء في كلا المقامين. والقرب نسبة، والنسبة بين المنتسبين، فالحق قريب من الأشياء والأشياء قريب منه تعالى.
وكما أن الوجود إذا سكن إلى العدم الواقعي ينفى أوصافه ويختفي أحكامه حتى يسلب عنه اسمه ويزول عنه رسمه، فكذلك الولاية إذا نزلت وانتهت إليه، يزول حكمها و يسلب عنها اسمها، فلا يقال للغواسق والظلمانيات، كالأحجار والأمدار والكفرة و الفجرة، أولياء الله، كما لا يقال إنها بموجودات. وذلك لانقهار نور الوجود وأوصافه وغلبة ظلمة العدم وأحكامه. فإذا خرج الوجود عن ذلك المكمن وتنور بنور الإيمان، يظهر أحكامه ويغلب أوصافه ويتصف بالولاية، على تفاوت الدرجات: (الله ولى الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور). ثم يترقى الوجود ويشتد الولاية حسب ترقيات الإيمان، إلى أن ينتهى عن مراتب النفوس الأرضية إلى مراتب النفوس السماوية ومنها إلى عالم القدس، ويتدرج في مراتب قدس الجبروت حتى يصل إلى مقام الروح الأعظم، وهو مقام عيسى بن مريم، عليهما السلام، و (كلمة ألقيها إلى مريم وروح منه). وهاهنا اختتام الولاية العامة التي تقابل الولاية الخاصة المحمدية، وهي الولاية العامة المحمدية في مقام الخلق والإمكان. ثم يترقى الوجود ويشتد الولاية عن مرتبة الإمكان ويدخل في حريم قدس اللاهوت بالانقلاب عن الإمكان إلى الوجوب والفناء في الله والبقاء به، و يخلص الولاية عن الشرك الخفي - المغتفر - وهو الفتح المبين الذي يغفر له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر. وهذا هو الولاية المقصودة للعارفين من هذه الأمة المرحومة. فيسير الولي حينئذ في مراتب الولاية الخاصة ومدارج الألوهية حتى يسير في جميع الأسماء الإلهية وينتهي إلى مرتبة جمع جميع الأسماء ويصير إماما ومرجعا لجميع الأولياء الخاصة والعامة، والكل يأوى إليه ويستفيض منه. وهذا أحد معاني قوله، صلى الله عليه وآله:
(السلطان ظل الله يأوى إليه كل مظلوم). وهو على بن موسى الرضا، عليهما السلام، لأن الأسماء تنزل من السماء، والأولياء، لا سيما الخواص منهم، هم المظلومون لأنفسهم، لأنهم يفنون في الله.
وتلك الولاية الجامعة لدى اشتداده تكون صفة من أوصافه تعالى المشار إليه بقوله: (وهو الولي الحميد). فقد يظهر بكمال شدته فيكون نبوة مطلقة من التعريف والتشريع، فيستتر بالنبوة ويكون صاحبه ختم الأنبياء. فإن الظهور التام حجاب بلا شك، كما خفى الحق لفرط ظهوره. وقد ينزل عن كمال شدته نزلة يسيرة، وتلك النزلة هي غلبة وصف الولاية لوصف النبوة بحيث يخفى التشريع ويبقى التعريف لتنزل الإعتدال المزاج الأسمائي و الكوني، كما في أمير المؤمنين بالنسبة إلى خاتم الأنبياء، فإنه كان عالما بعلوم الأولين و الآخرين كما في الأخبار.
ومنها الشرائع فلا يكتسي كساء النبوة ويظهر بأوصاف الولاية، ويكون صاحبه ختم الأولياء مظهر الله الولي الحميد، وهو، ولى الله الغالب، على بن أبى طالب، عليه السلام، لأنه أقرب الناس إلى خاتم الأنبياء في الغيب والشهادة. قال صاحب الفتوحات (* فى الباب السادس من المجلد الاول من الفتوحات، فى معرفة بدو الروحانى، ومن هو أول موجود وبم وجد وفيم وجد.
(ج)) بعد ذكر نبينا، صلى الله عليه وآله: (وإنه أول ظاهر في الوجود، وأقرب الناس إليه على بن أبى طالب، إمام العالم وسر الأنبياء أجمعين).
(* اكثر اهل معرفت اين مطلب را كه حضرت مولى الموالى على، عليه السلام، أقرب الناس إليه وإمام العالم وسر الانبياء أجمعين، ودومين تعين در مقام علم عنايى است وعين ثابت او سمعت سيادت بر اعيان جميع انبياء واولياء دارد، از شيخ اكبر، محيى الدين ابن عربى، نقل كرده اند. از جمله حمزه فنارى، شارح مفتاح قونوى. شيخ در باب سادس جزء اول - چاپ دار الطباعة الباهرة الكائنة ببولاق محروسة مصر، سنة 1296 ه ق، ص 131 - 132 - گويد: فلما أراد الله وجود العالم وبدئه على حچ ما علمه بعلمه بنفسه، إنفعل من تلك الارادة المقدسة بضرب تجل من تجليات التنزيه إلى الحقيقة الكلية حقيقة تسمى الهباء. وهذا أول موجود فى العالم. وقد ذكره على بن ابيطالب. ثم إنه تجلى بنوره إلى ذلك الهباء... فقبل منه تعالد كل شى فى ذلك ذلك الهباء، فلم يكن أقرب إليه قبولا فى ذلك الهباء إلا حقيقة محمد (ص) المسماة بالعقل فكان مبتدء العالم بأسره. وأول ظاهر فى الوجود فكان وجود من ذلك النور، و