في مقام الطبيعة الجسمية وظلمة الليالي العنصرية، ظهروا بأنوارهم المختصة كظهور القمر والكواكب في الليل المظلم. ولما كان حال خاتم الأولياء بالنسبة إلى الأولياء كذلك، قال: (وكذلك خاتم الأولياء كان وليا وآدم بين الماء والطين. و غيره من الأولياء ما كان وليا إلا بعد تحصيله شرائط الولاية من الأخلاق الإلهية في الاتصاف بها من كون الله يسمى بالولي الحميد) وشرائط الولاية تحققهم في الوجود العيني وتطهرهم عن الصفات النفسية وتنزههم عن الخيالات الوهمية وتخلقهم بالأخلاق الإلهية وتخلصهم عن القيود الجزئية، وأداء أمانة وجودات الأفعال و الصفات والذات إلى من هو مالكها بالذات، فعند فنائهم عن أنفسهم وبقائهم بالحق يتصفون بالولاية وتحصل لهم الغاية، لأن الولاية من جملة صفاته الذاتية.
(فخاتم الرسل من حيث ولايته نسبته مع الخاتم للولاية نسبة الأنبياء والرسل معه، فإنه الولي الرسول النبي، وخاتم الأولياء الولي الوارث الآخذ عن الأصل المشاهد للمراتب) استعمل (مع) في الموضعين بمعنى (إلى). ولما ذكر أن المرسلين من حيث كونهم أولياء، لا يرون ما يرون إلا من مشكاة خاتم الأولياء. وكان يمكن أن يتوهم أن هذا المعنى في حق غير خاتم الرسل من الرسل، صرح هاهنا أن نسبته، أيضا، إلى خاتم الولاية نسبة غيره من الأنبياء، ولا تفاضل (19) لأنه صاحب هذه المرتبة في الباطن والخاتم مظهرها في الظاهر. وينكشف هذا المقام لمن انكشف له أن للروح المحمدي، صلوات الله وسلامه عليه، مظاهر في العالم بصورة الأنبياء والأولياء. وذكر الشيخ (رض) في آخر الباب الرابع عشر من الفتوحات: (ولهذا الروح المحمدي، عليه السلام، مظاهر في العالم. وأكمل مظاهره في قطب الزمان وفي الأفراد وفي خاتم الولاية المحمدية وختم الولاية