شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٤٢٦
النسب لا كلها. (فبهذا القدر نقول، إن العناية الإلهية سبقت لهذا العبد بهذه المساواة في إفادة العلم) ظاهر مما مر.
(ومن هنا يقول الله: (حتى نعلم). وهي كلمة محققة المعنى، ما هي كما يتوهمه من ليس له هذا المشرب) أي، من حيث إن العلم تابع للمعلوم من وجه، يقول الحق تعالى في كلامه: (حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم).
أي، يتعلق علمه بالأعيان الثابتة التي للمجاهدين والصابرين، فيحصل العلم بأن الأشخاص الإنسانية من يكون منهم مجاهد، أو من يكون منهم صابر، أو من لا يكون كذلك.
لا يقال: يلزم منه الحدوث لحصول علمه بعد ما لم يكن حينئذ.
لأنا نقول: تعلق العلم بالمعلوم أزلي وأبدى، فلا يلزم ذلك. غاية ما في الباب أنه يلزم تقدم المعلوم على تعلق العلم به، وعلى العلم أيضا، تقدما ذاتيا لا زمانيا ليلزم الحدوث الزماني. وهو حق. لأن العلم من حيث إنه مغائر للذات نسبة ذاتية، فيقتضى العالم والمعلوم، وكل منهما لا بد وأن يكون مقدما بالذات عليها كما مر.
(وهي كلمة محققة المعنى) في نفس الأمر، ليس كما يظنه المحجوب الذي ليس له هذا المشرب. ويمكن أن يكون المراد من قوله: (حتى نعلم...) العلم التفصيلي الذي هو في المظاهر الإنسانية، ولا شك في تجدد العلم فيها، فيكون الحقيقة الإنسانية حينئذ وقاية لربها عن سمة الحدوث ونقص الإمكان، لكن لا يكون من هذا المقام حينئذ.
(وغاية المنزه أن يجعل ذلك الحدوث في العلم للتعلق، وهو أعلى وجه يكون للمتكلم بعقله في هذه المسألة. لو لا أنه أثبت العلم زائدا على الذات، فجعل التعلق له لا للذات. وبهذا انفصل عن المحقق من أهل الله صاحب الكشف والوجود) أي، غاية من يتكلم بعقله في هذه المسألة وينزه الحق عن سمة الحدوث ونقائصه، أن يجعل ذلك الحدوث للتعلق، بأن يقول، العلم أزلي وتعلقه بالأشياء حادث
(٤٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 421 422 423 424 425 426 427 427 432 433 434 ... » »»