شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٤٣٨
(فإن الرسالة والنبوة، أعني نبوة التشريع ورسالته، تنقطعان والولاية لا تنقطع أبدا). وذلك لأن الرسالة والنبوة من الصفات الكونية الزمانية فينقطع بانقطاع زمان النبوة والرسالة، والولاية صفة إلهية، لذلك سمى نفسه ب‍ (الولي) الحميد وقال: (الله ولى الذين آمنوا...) فهي غير منقطعة أزلا وأبدا. ولا يمكن الوصول لأحد من الأنبياء، وغيرهم، إلى الحضرة الإلهية إلا بالولاية التي هي باطن النبوة. وهذه المرتبة من حيث جامعية الاسم الأعظم لخاتم الأنبياء ومن حيث ظهورها في الشهادة بتمامها لخاتم الأولياء، فصاحبها واسطة بين الحق و جميع الأنبياء والأولياء. ومن أمعن النظر في جواز كون الملك واسطة بين الحق والأنبياء، لا يصعب عليه قبول كون خاتم الولاية الذي مظهر باطن الاسم الجامع وأعلى مرتبة من الملائكة واسطة بينهم وبين الحق.
وفي قوله: (أعني نبوة التشريع ورسالته) سر، وهو أن النبوة والرسالة تنقسم إلى قسمين: قسم يتعلق بالتشريع، وقسم يتعلق بالإنباء عن الحقائق الإلهية وأسرار الغيوب وإرشاد العباد إلى الله من حيث الباطن، وإظهار أسرار عالم الملك والملكوت، وكشف سر الربوبية المستترة بمظاهر الأكوان لقيام القيامة الكبرى وظهور ما ستره الحق وأخفى. (فالمرسلون من كونهم أولياء لا يرون ما ذكرناه إلا من مشكاة خاتم الأولياء، فكيف من دونهم من الأولياء). وذكر في كتاب عنقاء المغرب: (إن أبا بكر تحت لوائه، كما كان تحت لواء سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في المتابعة).
(وإن كان خاتم الأولياء تابعا في الحكم لما جاء به خاتم الرسل من التشريع فذلك لا يقدح في مقامه ولا يناقض ما ذهبنا إليه) من أنه متبوع في الولاية. ولا ينبغي أن يتوهم أن المراد بخاتم الأولياء المهدى. فإن الشيخ، قدس سره، صرح بأنه عيسى (ع). وهو يظهر من العجم، والمهدى من أولاد النبي، صلى الله عليه وسلم، ويظهر من العرب. كما سنذكره بألفاظه.
(فإنه من وجه يكون أنزل، كما أنه من وجه يكون أعلى. وقد ظهر في ظاهر شرعنا ما يؤيد ما ذهبنا إليه) من أنه من وجه أنزل كما أنه من وجه أعلى. (في فضل
(٤٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 433 434 435 436 437 438 439 440 440 440 440 ... » »»