شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٤٢٣
الصفات نسبة مغايرة للذات، فما يوجد في العلم، من حيث إنه نسبة، إلا ما أعطته تلك الأعيان، فيكون العلم تابعا للمعلوم بهذا الاعتبار. فإذا عرفت ذلك، فنقول: من هؤلاء، أي من الصنف الذي منعهم عن السؤال علمهم، من يعلم أن علم الله بهذا العبد في جميع أحواله هو تابع لما كان عليه عينه الثابتة حال ثبوتها في الغيب المطلق قبل وجودها العيني، ويعلم أن الحق تعالى لا يعطى العبد بحسب الوجود العيني إلا ما أعطى الحق عين هذا العبد من العلم به، أي بالعبد، فيعلم العبد أن علم الله تعالى به حاصل من عينه الثابتة في الغيب، وإذا علم أن ما يحصل له هو (منه) و (عليه) حتى علم الحق أيضا تابع لعينه، لا يطلب من الحق شيئا. ومن هذا المقام قال بعض أهل الشطح: (الفقير لا يحتاج إلى الله تعالى) (6)

(6) - لأن عينه في العلم من الفيض الأقدس، وظهورها الخارجي أيضا من الحق على مقتضى عينه، وما بقى له شيئا من القبول والفعل حتى يقال، أنه محتاج أو غير محتاج، فافهم إن كنت أهلا له. (ج) وما ثم صنف من أهل الله أعلى كمالا وأكشف حالا من هذا الصنف، لأنهم مطلعون على سر (القدر). وهذه المشاهدة لا يحصل إلا بعد الفناء التام في الحق والبقاء بعده ببقائه وتجليه له بالصفة العلمية ليكون من الراسخين في العلم، كما قال تعالى: (ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء). وهذا اختصاص من الحق للعبد بحسب العناية السابقة. ولا تحصل هذه المرتبة إلا في السفر الثاني من (الأسفار الأربعة) التي تحصل لأهل الله، وهو السفر في الحق بالحق، فهم الواقفون على سر القدر. وأما الذين وصلوا إلى الحق فرجعوا إلى الخلق، لا يطلعون على أسرار (القدر) وإن كان تظهر خوارق العادات على أيديهم وغرائب تعجز العقول عن إدراكها.
(وهم على قسمين: منهم من يعلم ذلك) أي سر القدر. (مجملا، ومنهم من يعلمه مفصلا. والذي يعلمه مفصلا أعلى وأتم من الذي يعلمه مجملا فإنه) أي،
(٤٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 418 419 420 421 422 423 424 425 426 427 427 ... » »»