شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٤٠٥
بالأسماء التي تطلب العالم بذاتها، فهي مفتقرة إلى العالم، لا الذات الإلهية من حيث هي هي، فإنها من هذا الوجه غنى عن العالمين. و (الباء) في (به) بمعنى اللام. أي، لا افتقار له. أو بمعنى (في). أي، لا افتقار في كونه غنيا.
(فالكل بالكل مربوط وليس له * عنه انفكاك خذوا ما قلته عنى) ضمير (له) عائد إلى العالم. وضمير (عنه) إلى الحق. والباقي ظاهر.
(فقد علمت حكمة نشأة جسد آدم، أعني صورته الظاهرة) وتلك الحكمة هي ظهور أحكام الأسماء والصفات فيها. (وقد علمت) حكمة (نشأة روح آدم، أعني صورته الباطنة) أي، حكمة نشأة روح آدم، وهي الربوبية والخلافة على العالم. (فهو الحق الخلق) يعنى، فآدم هو الحق باعتبار ربوبيته للعالم و اتصافه بالصفات الإلهية، والخلق باعتبار عبوديته ومربوبيته. أو هو الحق باعتبار روحه، والخلق باعتبار جسده. كما قال الشيخ (رض) في بيت من قطعة:
(حقيقة الحق لا تحد * وباطن الرب لا يعد فباطن لا يكاد يخفى * وظاهر لا يكاد يبدو فإن يكن باطنا ورب * وإن يكن ظاهرا فعبد) (وقد علمت نشأة رتبته وهي المجموع الذي به استحق الخلافة) إنما جعل (الخلافة للمجموع) لأنه بالنشأة الروحانية آخذ من الله، وبالنشأة الجسمانية مبلغ إلى الخلق، وبالمجموع تتم دولته وتكمل مرتبته، كما قال الله: (فلو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون). أي، ليجانسكم فيبلغكم أمري.
(فآدم هو النفس الواحدة التي خلق منها هذا النوع الإنساني) أي، إذا علمت أن آدم هو الخليفة على العالم ومدبره، فآدم في الحقيقة هو النفس الواحدة، وهو العقل الأول الذي هو الروح المحمدي في الحقيقة الظاهر في هذه النشأة العنصرية المشار إليه بقوله، صلى الله عليه وسلم: (أول ما خلق الله نوري). الذي منه
(٤٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 400 401 402 403 404 405 406 407 408 409 410 ... » »»