الناس. وقد يكون من الصفات الانفعالية كما يقول: حصل في قلبي هيبة من السلطان. أي دهشة وحيرة من عظمته (145) وكذلك (الأنس) بالنسبة إلى من هو أعظم مرتبة منك وإلى من هو دونك في المرتبة. فإن الأول يوجب الانفعال، و الثاني يوجب الفعل، لأن الأنس رفع الدهشة والهيبة. ففي الصورة الأولى صاحب المرتبة الأعلى يرفع منك الدهشة، وفي الثانية أنت رافعها من غيرك. و الهيبة من (الجلال) والأنس من (الجمال).
(فعبر عن هاتين الصفتين) أي، الجمال والجلال. (باليدين) مجازا. إذ بهما يتم الأفعال الإلهية وبهما تظهر الربوبية، كما باليدين يتمكن الإنسان من الأخذ والعطاء، وبهما تتم أفعاله. (اللتين توجهتا منه) أي، من الحق. (على خلق الإنسان الكامل) كقوله تعالى: (ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي؟) و خلقه بيديه عبارة عن الاستتار بالصورة الإنسانية وجعله متصفا بالصفات الجمالية والجلالية. (لكونه الجامع لحقائق العالم ومفرداته) أي، لكون الإنسان جامعا لحقائق العالم التي هي مظاهر للصفات الجمالية والجلالية كلها، وهي الأعيان الثابتة التي للعالم. والمراد بالمفردات الموجودات الخارجية. فكأنه يقول:
لكون الإنسان جامعا لجميع الأعيان الثابتة بعينه الثابتة ولجميع الموجودات الخارجية بعينه الخارجية، فله أحدية الجمع علما وعينا (146) وقد مر، في