شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٤٠١
تصير عقلا مدركا للكليات (158) وذلك لأنه نور من أنوار العقل الكلى المنزل إلى العالم السفلى مع الروح الإنساني، فصغر وضعف نوريته وإدراكه لبعده من منبع الأنوار العقلية فتسمى ب‍ (الوهم). فإذا رجع وتنور بحسب اعتدال المزاج الإنساني، قوى إدراكه وصار عقلا من العقول. كذلك يترقى العقل أيضا ويصير عقلا مستفادا).
(ولهذا كان آدم، عليه السلام، خليفة). أي، ولأجل حصول هذه الجمعية لآدم، صار خليفة في العالم.
(فإن لم يكن آدم ظاهرا بصورة من استخلفه) وهو الحق. (فيما استخلف فيه وهو العالم) أي، إن لم يكن متصفا بكمالاته متسما بصفاته قادرا على تدبير العالم. (فما هو خليفة، وإن لم يكن فيه جميع ما تطلبه الرعايا التي استخلفه عليها، لا يكون استنادها) أي، استناد الرعايا. (إليه). أي، إلى آدم الذي هو الخليفة، فليس بخليفة. وحذف الجواب لدلالة الجواب الأول والذي يأتي بعده عليه. وإنما كان العالم مسندا إليه، لأنه رب للعالم بحسب مرتبته، وعبد للحق بحسب حقيقته، وإذا كان العالم مستندا إليه (فلا بد أن يقوم بجميع ما يحتاج إليه،

(١٥٨) - وقد حقق في محله، أن العقل هو الوهم المترقي والمتنور، ولكن يجب أن يعلم أن للإنسان البالغ الكامل المتصف بالعقل المنور بنور الله قوى مختلفة متعددة ومنها: القوة المتخيلة، ومنها الحس المشترك، ومنها الوهم، أي القوة الوهمية المدركة للمعاني المضافة إلى الأمور الجزئية كحب الحيوان وخوفه من الملائمات والمنافرات المضافة إلى الأشخاص الجزئية وكحب الحيوان أو الإنسان نفسه. والغرض أن الوهم لا يصير عقلا بحيث لا يبقى الوهم بحاله. والقول بأن الوهم هو العقل المتنزل والعقل هو الوهم المتنور بإطلاقه غير صحيح. ويجب توجيه الكلام وتقرير المرام على وجه موافق للقواعد العقلية. ويجب أن يعلم أن النفس المستكمل بحقائق الإيمان والبالغ بمقام العقل بالمستفاد والمتحد مع العقل الفعال والعقول السابقة والأقلام الوجودية، لا تصير عقلا محضا لأن نفسية النفس و إضافتها إلى البدن ليست من الأمور الطارية والعوارض الغريبة، بل التحقيق الحكمي و الشواهد النقلية تقتضيان عدم انسلاخ النفس عن مطلق البدن.
(٤٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 396 397 398 399 400 401 402 403 404 405 406 ... » »»