(تعيين). وقوله: (من غير تعيين) أي، للمطلوب. وقوله: (من ذاتي) هو بتخفيف الياء، على الإضافة، لا بتشديدها الذي هو مرادف لجزء الماهية، لأن الجزء أظهر منه ولا يبين الأظهر بالأخفى. وليس المراد بالذاتي هنا جزء الماهية ولا الأعراض الذاتية التي لها. فقوله: (من ذاتي) صفة (لكل جزء). ف (من) في قوله: (من ذاتي) للتبعيض. وفي قوله: (من لطيف وكثيف) للبيان. والمبين يجوز أن يكون (ما) في قوله: (ما فيه مصلحتي) ومعناه: أعطني لكل جزء من ذاتي ما فيه مصلحتي من لطيف، كالعلوم والمعارف والأرزاق الروحانية، و كثيف، كالمال والولد والأرزاق الجسمانية. ويجوز أن يكون المبين (لكل جزء) أي، لكل جزء من لطيف كالروح والقلب، وكثيف كأعضاء البدن. كما مر أولا. والظاهر أن تشديد (الياء) وحذف (من) تصرف ممن لا يعرف معنى كلامه.
(والسائلون صنفان) أي، السائلون بلسان القال مع صرف الهمة إلى المسؤول عنه صنفان. وإنما قلت: (مع صرف الهمة إلى المسؤول عنه) لأن السائل الذي سئل امتثالا لأمر الله، لا طلبا لشئ من الكمالات لعلمه بحصول ما هو مستعد له في كل حين، سائل بلسان القال أيضا، لكن إتيانا بحكم (أدعوني أستجب لكم). ولأنه تعالى يجب أن يسأل منه، كما قيل:
الله يغضب إن تركت سؤاله وسليل آدم حين يسأله يغضب ولما لم يكن همته متعلقة فيما سأل، فكأنه ليس من السائلين في الحقيقة، لذلك قال: (صنفان). وأورد الصنف الثالث بعد الفراغ من ذكر صنفين آخرين، كما يأتي بيانه (4) (صنف بعثه على السؤال الاستعجال الطبيعي، فإن الإنسان خلق عجولا)