ظاهر بالنسبة إلى الباطن المطلق، باطن بالنسبة إلى الظاهر المطلق، وهو عالم الأجسام، لذلك جعل صورته الظاهرة، أي صورة الإنسان، من حقائق العالم و صوره. ويجوز أن يراد ب (الصورة الظاهرة) جسمه وبدنه، فإنه مركب من حقائق عالم الكون والفساد. ويؤيده قوله آخرا: (فقد علمت حكمة نشأة جسد آدم، أعني صورته الظاهرة). وب (الصورة الباطنة) روحه وقلبه والقوى الروحانية المتصفة بصفات الحق وأسمائه. (ولذلك قال فيه: كنت سمعه وبصره. وما قال:
كنت عينه وأذنه. ففرق بين الصورتين) أي، لأجل أنه تعالى أنشأ صورته الباطنة على صورته تعالى، قال في حق آدم: (كنت سمعه وبصره). فأتى ب (السمع) و (البصر) اللذين من الصفات السبعة التي هي الأئمة. (وما قال: كنت عينه وأذنه) الذين هما من جوارح الصورة البدنية وآلتان للسمع والبصر. (ففرق بين الصورتين) أي صورة الباطن أو الظاهر، وإن كان الظاهر مظهرا للباطن.
(وهكذا هو في كل موجود من العالم بقدر ما تطلبه حقيقة ذلك الموجود) أي، كما أن الحق وهويته سار في آدم، كذلك هو سار في كل موجود من العالم. لكن سريانه وظهوره في كل حقيقة من حقائق العالم إنما هو بقدر استعداد تلك الحقيقة التي لذلك الموجود وقابليته. (لكن ليس لأحد مجموع ما للخليفة) استدراك من قوله: (وهكذا هو في كل موجود). (فما فاز إلا بالمجموع) أي، فما فاز بالمجموع إلا الخليفة. لأن المراد حصر الفوز بالمجموع في الخليفة، وهو الحصر في المحكوم عليه لا الحصر في المحكوم به، كما هو ظاهر الكتاب، إذ يلزم منه أن الخليفة ما فاز بشئ مما فاز به العالم إلا بالمجموع، وهذا غير صحيح. فإنه فاز بكل ما فاز به العالم مع اختصاصه بالزائد، وهو الفوز بالمجموع.
(ولو لا سريان الحق في الموجودات والظهور فيها بالصورة ما كان للعالم وجود) أي، لو لا سريان ذات الحق وهويته في الموجودات وظهوره فيها بالصورة، أي بصفاته تعالى، ما كان للعالم وجود ولا ظهور لأنه بحسب نفسه معدوم. واكتفى بذكر (الصورة) من الذات لكونها عينها، أو لاستلزام الصورة إياها. (كما أنه) الضمير للشأن. (لو لا تلك الحقائق المعقولة الكلية، ما ظهر