شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٤٠٢
وإلا فليس بخليفة عليهم، فما صحت الخلافة إلا للإنسان الكامل). أي، وإذا كان الأمر كذلك، فما صحت هذه المرتبة إلا له.
واعلم، أن لكل فرد من أفراد الإنسان نصيبا من هذه الخلافة يدبر به ما يتعلق به، كتدبير السلطان لملكه وصاحب المنزل لمنزله. وأدناه تدبير الشخص لبدنه. وهو الحاصل للأولاد بحكم الوراثة من الوالد الأكبر، والخلافة العظمى إنما هي للإنسان الكامل.
واعلم، أن الشيطان أيضا مربوب لحقيقة آدم وإن كان أخرجه من الجنة وأضله بالوسوسة، لأنها تمد من عالم الغيب مظاهر جميع الأسماء، كما أن ربه يمد الأسماء كلها. فهو المضل بنفسه في الحقيقة لنفسه، ليصل كل من أفراده إلى الكمال المتناسب له، ويدخل الدار الطالبة إياه من الجنة والنار (159) ولو لا ذلك الإمداد، لا يكون له سلطنة عليه. ومن هنا يعلم سر قوله تعالى: (فلا تلوموني و لوموا أنفسكم). وبه قامت الحجة عليهم، لان أعيانهم اقتضت ذلك.
فإضلاله لآدم وإخراجه من الجنة الروحانية لا يقدح في خلافته وربوبية.
(فأنشأ صورته الظاهرة) أي، صورته الموجودة في الخارج من جسمه و روحه من حقائق عالم الملك والملكوت، لذلك قال: (من حقائق العالم وصوره) وما اكتفى بذكر الصور. (وإنشاء صورته الباطنة على صورته تعالى) أي، و إنشاء صورته الموجودة في العلم، وهي عينه الثابتة متصفة بصفات الحق تعالى وأسمائه. ولما كانت الحقيقة يظهر بالصورة في الخارج، أطلق (الصورة) على الأسماء والصفات مجازا، لأن الحق بها يظهر في الخارج.
واعلم، أن كلا من (الظاهر) و (الباطن) ينقسم على قسمين: باطن مطلق، وباطن مضاف، وظاهر مطلق، وظاهر مضاف. فأما الباطن المطلق فهو الذات الإلهية وصفاته والأعيان الثابتة، والباطن المضاف هو عالم الأرواح، فإنه

(159) - وإلى هذا أشار الخاتم للولاية الكلية، الإمام الصادق: (جعل الله معصية آدم سببا لعمارة العالم). (ج)
(٤٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 397 398 399 400 401 402 403 404 405 406 407 ... » »»