حكم في الموجودات العينية) أي، كما أنه لو لا تلك الحقائق الكلية، التي في القديم قديم وفي الحادث حادث، ومعروضاتها من الحقائق العينية، ما ظهر حكم من أحكام أسماء الحق وصفاته في الموجودات العينية. فكما أن وجود العالم بسريان الحق في الموجودات بذاته وصفاته، كذلك ظهور أحكام أسمائه وصفاته بالحقائق المعقولة التابعة والمتبوعة. فارتبط العالم بالحق ارتباط الافتقار في وجوده والحق بالعالم من حيث ظهور أحكامه وصفاته. فافتقر كل منهما إلى الآخر لكن الجهة غير متحدة.
(ومن هذه الحقيقة) أي، ومن هذا الارتباط الذي للحق، هو المعنى الثابت في نفس الأمر، إذ (الحق) هو الثابت لغة. (كان الافتقار من العالم إلى الحق في وجوده) (كان) تامة بمعنى حصل. وإنما قال: (في وجوده) ولم يتعرض بذاته، تنبيها على أن الأعيان ليست مجعولة لجعل الجاعل مع أنها فائضة من الحق بالفيض الأقدس، لأن الجعل إنما يتعلق بالوجود الخارجي. كما مر تحقيقه في المقدمات.
شعر:
(فالكل مفتقر، ما الكل مستغن * هذا هو الحق قد قلناه لا نكنى) أي، فكل واحد من العالم وربه مفتقر إلى الآخر: أما العالم ففي وجوده و كمالاته، وأما ربه ففي ظهوره وظهور أسمائه وأحكامهما فيه. (ما) في (ما الكل) للنفي. و (مستغن) خبره. ورفعه على رأى الكوفيين، كقوله تعالى: (ما هذا بشر). عند من قرأ بالرفع.
ولما كان الارتباط وافتقار كل منهما إلى الآخر ثابتا في نفس الأمر، قال:
(هذا هو الحق قد قلناه لا نكنى) وهو من (الكناية) وهو الستر. أي، لا نستره إرشادا للطالبين.
(فإن ذكرت غنيا لا افتقار به * فقد علمت الذي من قولنا نعنى) أي، فإن قلت، إن الحق غنى عن العالمين ولا افتقار له، فقد علمت من الذي نعنى بقولنا: (فالكل مفتقر) لأن كلامنا في الارتباط بين الحق والعالم، وذلك