الملائكة، فإنهم وإن كانوا غيبا باطنا بالنسبة إلى الشهادة المطلقة، لكنهم ظاهر بالنسبة إلى الأسماء والصفات التي هي أربابهم لظهورهم في العين بعد بطونهم في العلم. وقد مر تحقيقه في بيان العوالم في المقدمات (143).
(بشهادتنا) أي، بروحنا وقلبنا وقوانا وأبداننا الموجودة في الخارج.
(ووصف نفسه بالرضا والغضب) حيث قال: (رضى الله عنهم ورضوا عنه). وقال: (سبقت رحمتي غضبي). (فأوجد العالم ذا خوف ورجاء فنخاف غضبه ونرجو رضاه). وإنما جاء بلازم الرضا والغضب، وهو الخوف والرجاء، ولم يقل: فأوجدنا ذا رضاء وغضب. وإن كنا متصفين بهما، ليؤكد المقصود الأول أيضا، وهو بيان الارتباط بين الحق والعالم، إذ كل من الصفات الأفعالية و الانفعالية يستدعى الآخر، لذلك أعاد الارتباط في الأبيات الثلاثة المذكورة بعد.
وقوله: (فأوجد العالم ذا خوف ورجاء) دليل على ما ذهبنا إليه من أن المراد بالعالم هو العالم الإنساني، لأن الخوف والرجاء من شأن الإنسان لا العالم الكبير، إذ الخوف إنما هو بسبب الخروج عن الأمر، والرجاء إنما يحصل لمن يطمع في الترقي، وهما للإنسان فقط. وكذلك قوله: (فنخاف غضبه ونرجو رضاه) يدل على ذلك، وكذلك قوله: (ووصف نفسه بأنه جميل وذو جلال، فأوجدنا على هيبة وأنس، وهكذا جميع ما ينسب إليه تعالى ويسمى به) ينبئ عن ذلك.
والمراد ب (الجميل) الصفات الجمالية، وهي ما يتعلق باللطف والرحمة، و ب (الجلال)، ما يتعلق بالقهر والعزة والعظمة والستر.
قوله: (فأوجدنا على هيبة وأنس) مثال يجمع بين المقصودين، وهما بيان الارتباط وكون الإنسان مخلوقا على صورته تعالى. وذلك لأن (الهيبة) قد يكون من الصفات الفعلية (144) كما يقول: هذا السلطان مهيب. أي له عظمة في قلوب