شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٣٩٨
بالذوق إلا إياها. فضمير (إدراكه) و (نفسه) عائد إلى (العالم). ويجوز أن يعود الضمير إلى (الحق). أي لا يدرك العالم الحق كما يدرك الحق نفسه. فإن العالم من حيث إنه مظهر للحق مشتمل عليه، فيدركه في الجملة، لكن لا يمكن أن يدركه على الحقيقة كما هي. (فلا يزال في حجاب لا يرفع) (152) أي، فلا يزال العالم في حجاب لا يرفع، بمعنى أنه محجوب عن الحق بإنيته، ولا يقدر على حق معرفته ولا على معرفة نفسه، فإنه لو عرف نفسه لعرف ربه، لأن ذاته عين الذات الإلهية (153) وما فاز بهذه المعرفة إلا الإنسان الكامل، (154) لذلك صار سيد العالم و خليفة عليه.
(مع علمه بأنه متميز عن موجده بسبب افتقاره إليه) أي، لا يزال العالم في الحجاب، مع علم العالم بأنه متميز عن موجده بسبب افتقاره إليه. والعلم بامتياز الشئ عن غيره يوجب العلم بهما، فالعالم عالم بالحق من حيث إنه غنى وواجب بالذات. ولما كان العالم مفتقرا إليه ومتصفا بالإمكان، وإن كان متصفا بالصفات الإلهية، استدرك بقوله: (ولكن لا حظ له في الوجوب الذاتي الذي لوجود الحق)

(152) - وفي الجامع الكافي عن أبى إبراهيم، موسى بن جعفر: (ليس الحجاب بينه وبين خلقه إلا خلقه، استتر بغير ستر مستور، واحتجب بغير حجاب محجوب، لا إله إلا الله الكبير المتعال). (ج) (153) - أي، عين الذات الإلهية بحسب ظهورها على المجالي في التجليات الأفعالية، وأما الذات الإلهية لا ارتباط بينه وبين غيره، وهو مقام الانقطاع. (ج) (154) - قوله: (فلا يزال في حجاب لا يرفع). أي، لما كان الإنسان عين الحجاب على نفسه وهو دائما في حجاب تعينه ونفسيته، فلا يدرك الحق من غير حجاب، ولو عرف نفسه عرف ربه من وراء حجاب نفسه. والإنسان الكامل المطلع على حقائق الأسماء في الحضرة الواحدية يطلع عليها من وراء حجاب عينه الثابتة، وإن كان لا حكم لهذا الحجاب.
فلا يزال الإنسان في حجاب عينه، لا يرفع ذلك الحجاب، فلا يدرك مدرك إلا نفسه، فعرفان النفس عين عرفان الرب، تدبر. (الإمام الخميني مد ظله)
(٣٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 393 394 395 396 397 398 399 400 401 402 403 ... » »»