(ولهذا قيل فيه (الآخر). فلو كانت أوليته أولية وجود التقييد، لم يصح أن يكون الآخر للمقيد، لأنه لا آخر للممكن لأن الممكنات غير متناهية فلا آخر لها.
وإنما كان (آخرا) لرجوع الأمر كله إليه بعد نسبة ذلك إلينا. فهو الآخر في عين أوليته والأول في عين آخريته). أي، ولأجل أن أوليته ليست عبارة عن افتتاح الوجود عن عدم، قيل فيه الآخر، كما قال الله تعالى: (هو الأول والآخر...). فلو كانت أولية الحق تعالى مثل أولية الموجود المقيد، بمعنى افتتاح الوجود عن العدم، لم يصح أن يكون آخرا، لأن الآخرية عبارة حينئذ عن انتهاء الموجودات المقيدة و الممكنات غير متناهية، فلا آخر لها. وهذا الكلام إنما هو بحسب الدار الآخرة. و أما بحسب الدنيا فهي متناهية (141) فلا ينبغي أن يتوهم أنه (رض) قائل بقدم الدنيا، لذلك قال: (إذا زال وفك) أي الخاتم. (وينتقل الأمر إلى الآخرة، فيكون ختما أبديا على خزانة الآخرة). وقال في نقش الفصوص (142): (يخرب الدنيا وينتقل الأمر إلى الآخرة). وفي جميع كتبه إشارة إلى هذا المعنى. ولو لا مخافة التطويل، لأوردت ذلك بألفاظه. بل آخريته عبارة عن فناء الموجودات ذاتا و صفة وفعلا في ذاته وصفاته وأفعاله بظهور القيامة الكبرى ورجوع الأمر إليه كله.
وإنما قال: (بعد نسبته إلينا) لأن هذه الأشياء كانت لله تعالى أولا، ثم