شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٣٩١
(ولهذا قيل فيه (الآخر). فلو كانت أوليته أولية وجود التقييد، لم يصح أن يكون الآخر للمقيد، لأنه لا آخر للممكن لأن الممكنات غير متناهية فلا آخر لها.
وإنما كان (آخرا) لرجوع الأمر كله إليه بعد نسبة ذلك إلينا. فهو الآخر في عين أوليته والأول في عين آخريته). أي، ولأجل أن أوليته ليست عبارة عن افتتاح الوجود عن عدم، قيل فيه الآخر، كما قال الله تعالى: (هو الأول والآخر...). فلو كانت أولية الحق تعالى مثل أولية الموجود المقيد، بمعنى افتتاح الوجود عن العدم، لم يصح أن يكون آخرا، لأن الآخرية عبارة حينئذ عن انتهاء الموجودات المقيدة و الممكنات غير متناهية، فلا آخر لها. وهذا الكلام إنما هو بحسب الدار الآخرة. و أما بحسب الدنيا فهي متناهية (141) فلا ينبغي أن يتوهم أنه (رض) قائل بقدم الدنيا، لذلك قال: (إذا زال وفك) أي الخاتم. (وينتقل الأمر إلى الآخرة، فيكون ختما أبديا على خزانة الآخرة). وقال في نقش الفصوص (142): (يخرب الدنيا وينتقل الأمر إلى الآخرة). وفي جميع كتبه إشارة إلى هذا المعنى. ولو لا مخافة التطويل، لأوردت ذلك بألفاظه. بل آخريته عبارة عن فناء الموجودات ذاتا و صفة وفعلا في ذاته وصفاته وأفعاله بظهور القيامة الكبرى ورجوع الأمر إليه كله.
وإنما قال: (بعد نسبته إلينا) لأن هذه الأشياء كانت لله تعالى أولا، ثم

(141) - قوله: (إنما هو بحسب الدار الآخرة...). أقول: ما ذكره الفاضل الشارح في كمال السقوط، فإن خراب الدنيا وزوالها لا ينافي بقاء السلطنة الأسمائية في عالم الملك، فإن الرحمانية والرحيمية والربوبية والمالكية التي ذكرت في مفتتح كتاب الله تعالى، من الأسماء المحيطة الدائمة التجلي، فكلما ظهر وانبسط باسمه (الرحمن) وهدى إلى الصراط المستقيم باسمه (الرحيم)، وربى بأنواع التربية باسمه (الربوبي)، بطن وقبض باسمه (المالك)، ثم تجلى باسمه الرحمن إلى الحضرة الشهادة المطلقة ورجع إلى الباطن. والله تعالى كل يوم في شأن جديد، ولا تكرار في تجليه، والعالم دائما في الظهور والبطون من الأزل إلى الأبد: (والله من ورائهم محيط). (الإمام الخميني مد ظله) (142) - نقش الفصوص في مختصر الفصوص (انجمن فلسفه، ص 3، فص آدمي)
(٣٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 386 387 388 389 390 391 392 393 394 395 396 ... » »»