شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٣٨٨
الحادث إلى من يوجده لذات الحادث، اقتضى أن يكون على صورة موجده. و يجوز أن يكون متعلقا ب‍ (ظهر) وعلى هذا ضمير (لذاته) يجوز أن يعود إلى (من) ويجوز أن يعود إلى (الحادث). وعلى الأول معناه: لما كان استناد الحادث إلى موجد ظهر الحادث عنه لاقتضاء ذات الموجد إياه، اقتضى أن يكون على صورته، وعلى الثاني، ظهر لاقتضاء ذات الحادث الموجد إياه. والله أعلم.
(ثم ليعلم أنه لما كان الأمر على ما قلناه من ظهوره بصورته) أي، ظهور هذا الحادث، وهو الإنسان الكامل، بصورة الحق. وضمير (أنه) للشأن. و (من) بيان (ما). (أحالنا تعالى في العلم به) أي بالحق. (على النظر في الحادثات) بقول نبيه، صلى الله عليه وسلم: (من عرف نفسه فقد عرف ربه).
(وذكر أنه أرانا آياته فيه) أي، في الحادث بقوله: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم). وقوله: (وفي أنفسكم أفلا تبصرون).
وإنما قدم (إراءة الآيات في الآفاق) لأنها تفصيل مرتبة الإنسان، وفي الوجود العيني مقدم عليه. وأيضا رؤية الآيات مفصلا في العالم الكبير للمحجوب أهون من رؤيتها في نفسه وإن كان بالعكس أهون للعارف (137) (فاستدللنا بنا عليه) كالاستدلال من الأثر إلى المؤثر. (فما وصفناه بوصف إلا كنا نحن ذلك الوصف) أي، كنا نحن متصفا بذلك الوصف.
ولما كانت الصفات الحقيقية عين هذه الأعيان الحادثة، على ما قررنا من أن الذات مع صفة تصير اسما وعينا ثابتة والعالم من حيث الكثرة ليس إلا مجموع الأعراض، قال: (كنا نحن ذلك الوصف) وفي بعض النسخ: (إلا كنا ذلك الوصف). (إلا الوجوب الذاتي الخاص) أي بالحق.
(فلما علمناه بنا ومنا نسبنا إليه كل ما نسبناه إلينا) من الكمالات، لا النقائص، إلا ما نسبه الحق إلى نفسه منها.

(137) - إن شهودنا للحق شهود أنفسنا، فإن الواصل إلى مقام العلم يشهد عينه في الحضرة العلمية فيشهد الحق في حجاب عينه الثابتة. (الإمام الخميني مد ظله)
(٣٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 ... » »»