لأنه اتصف بالوجود والأسماء والصفات لازمة للوجود (136) فوجب أيضا اتصافه بلوازم الوجود وإلا لزم تخلف اللازم عن الملزوم. ولأن المعلول أثر العلة، والآثار بذواتها وصفاتها دلائل على صفات المؤثر وذاته، ولا بد أن يكون في الدليل شئ من المدلول، لذلك صار الدليل العقلي أيضا مشتملا على النتيجة: فإن إحدى مقدمتيه مشتملة على موضوع النتيجة، والأخرى على محمولها، والأوسط جامع بينهما. ولأن العلة الغائية من إيجاد الحادث عرفان الموجد، كما قال تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون). والعبادة تستلزم معرفة المعبود ولو بوجه، مع أن عباس، رضى الله عنه، فسرها هنا بالمعرفة. ولا يعرف الشئ إلا بما فيه من غيره، لذلك قال، عليه السلام، حين سئل: بم عرفت الله؟ عرفت الأشياء بالله. أي، عرفته به أولا، ثم عرفت به غيره. ولما كان وجوده من غيره، صار أيضا وجوبه بغيره. وغير الإنسان من الموجودات، وإن كان متصفا بالوجود، لكن لا صلاحية له لظهور جميع الكمالات فيه، كما مر في أول الفص.
وقوله: (لذاته) يجوز أن يكون متعلقا ب (الاستناد). أي، ولما كان استناد