شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٣٨٦
لذاته (131) (ولما اقتضاه لذاته كان واجبا به) (132) أي، ولما اقتضى الواجب لذاته هذا الحادث، صار الحادث واجبا بالواجب الوجود. ويجوز أن يكون ضمير الفاعل راجعا إلى (الحادث) أي، ولما اقتضى الحادث لذاته من يوجده، وهو الواجب، كان الحادث واجبا به، إذا المعلول واجب بعلته.
(ولما كان استناده) أي، استناد الحادث. (إلى من ظهر عنه لذاته، اقتضى أن يكون على صورته فيما ينسب إليه من كل شئ، من (133) اسم وصفة، ما عدا الوجوب الذاتي، فإن ذلك لا يصح للحادث وإن كان واجب الوجود، (134) ولكن وجوبه بغيره لا بنفسه) أي، اقتضى هذا الاستناد أن يكون الحادث على صورة الواجب، أي، يكون متصفا بصفاته وجميع ما ينسب إليه من الكمالات ما عدا الوجوب الذاتي، وإلا لزم انقلاب الممكن من حيث هو ممكن واجبا (135) وذلك

(131) - أو الواجب إلى الحادث في إعطاء الوجود إياه. (جامى) (132) - فكما أعطاه الوجود أعطاه الوجوب. (ج) (133) - بيان (شئ). وحاصله، أن يكون على صفته تعالى في كل اسم وصفة ينسب إليه تعالى، يعنى، كما أنه ينسب كل اسم وصفة إليه تعالى، كذلك ينسب إلى الحادث، فإنه بأحدية جمعه الأسمائي متجل وسار فيه، ولذا قيل: كل موجود متصف بالصفات السبع الكمالية، لكن ظهورها فيه بحسب استعداده وقابليته. (جامى) (134) - بالمعنى الأعم: فإنه أعم من أن يكون وجوبه بالذات أو بغيره. والحادث إن لم يكن واجبا بذاته لكنه واجب بغيره. (ج) (135) - في توحيد الصدوق (طهران، النشر الإسلامي، ص 93 - 94) باسناده عن حامد بن يزيد: (قال سألت أبا جعفر عليه السلام، عن شئ من التوحيد. فقال: إن الله تباركت أسماؤه التي يدعى بها وتعالى في علو كنهه واحد توحد بالتوحيد في علم توحيده، ثم أجرأه على خلقه. فهو واحد، صمد، قدوس، يعبده كل شئ بالفطرة ويصمد إليه كل شئ ووسع كل شئ علما). هذه الرواية منقولة عن أبى جعفر والراوي هو جابر بن يزيد من أصحاب أبى جعفر عليه السلام، لا حامد بن يزيد. ومعنى الحديث: أنه تعالى واحد بالوحدة الحقة الحقيقية التي لا ثاني له في الوجود. ولما كانت الوحدة منه سارية في كل شئ وبها يتقوم الأشياء، لا يخلو شئ عن سر الوحدة لتقوم الأشياء بالوحدة الذاتية. وهذا عبارة عن سريان التوحيد في كل شئ وإجراءه على كل شئ ووسع كل شئ علما وقدرة. فانظر إلى قوله، عليه السلام: (ثم أجرأه على خلقه). تجده دليلا على ما ادعاه المصنف من اقتضاء الاستناد إلى الواجب الحق الخالق أن يكون مخلوقه على صورته. بل دليلا على قوله: (ما عدا الوجوب الذاتي)، فإن معنى قوله: (ثم أجرأه) أنه تنزلت هذه الوحدة: ففي الواجب وحدة حقة حقيقية، وفي غيره وحدة عددية خلقية بحكم النزول والظلية، وهما منافيان للوجوب الذاتي، بل الوجوب الغيري مأخوذ في ذاته. كمالا يخفى على العارف المحقق.
(مرحوم شيخ غلامعلى شيرازي)
(٣٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 ... » »»