شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٣٧٥
لها حكم وأثر في الأعيان الكونية والحقائق الخارجية بحسب وجودها و كمالاتها (99) أما الأول، فلأن الأعيان معلولة للأسماء، والاسم ذات مع صفة معينة، فالأعيان من حيث تكثرها لا يتحصل إلا بالصفات، وهي هذه الأمور الكلية التي لا أعيان لها في الخارج. ولهذا (100) ذهب الحكماء أيضا إلى أن علم الواجب فعلى و سبب لوجود الموجودات، وهكذا القدرة والإرادة المعبرة عنها بالعناية الإلهية (101) وأما الثاني، فلأن العين الموجودة إن لم يكن لها الحياة، لا توصف بأنها حية و لا يتصف بأنواع الكمالات، إذ العلم والقدرة والإرادة كلها مشروطة بالحياة، و كذلك العلم إن لم يكن حاصلا، لم يكن لها إرادة وقدرة، لأنهما لا يتعلقان إلا بالمعلوم. وهكذا جميع الصفات.
فهذه الأمور الكلية حاكمة على الطبائع التي تعرض لها بأن يقال عليها أنها حية ذات علم وإرادة وقدرة، ويترتب عليها ما يلزمها من الأفعال والآثار، إذ لا شك أن الطبيعة الموجودة بالعلم تميز بين الأشياء (102) وبالإرادة تخصص و بالقدرة يتمكن من الأفعال.
قوله: (بل هو (103) عينها لا غيرها، أعني أعيان الموجودات (104) العينية (105))

(99) - أي، للأمور الكلية أثر وحكم في وجود الأعيان وتحققها وفي اتصاف الأعيان بالكمالات. (ج) (100) - أي، لكون الصفات سببا لتكثر الأعيان. (ج) (101) - لأن إرادته تعالى هي العلم بالنظام الأتم واقتضائه تحقق النظام الرباني المعبر عنه بالإرادة في الخارج. وتمام الكلام وحق تحقيقه يطلب من إلهيات الأسفار. (ج) (102) - بل العلم هو التميز، فما لم يكن تميز لم يكن علم. (ج) (103) - قوله: (بل هو) أي، ماله وجود عيني عينها، أي عين الأمور الكلية. فعلى هذا يكون قوله: (أعني) تفسيرا للضمير المرفوع. ويحتمل أن يجعل تفسيرا للضمير المجرور إذا كان المرفوع كناية عن الأمور الكلية مؤولة بالأمر الكلى. وعلى كل تقدير فالعينية بناء على أن الحقيقة الواحدة التي هي حقيقة الحقائق كلها هي الذات الإلهية، وباعتبار تعيناتها و تجلياتها في مراتبها المتكثرة تتكثر وتصير حقائق مختلفة جوهرية متبوعة وعرضية تابعة.
فكل عين من حيث امتيازها عمن تجاها ليست إلا عين أعراض شتى اجتمعت في عين واحدة، فصارت عينا موجودة خارجية. كذا ذكره في آخر (الفص الشعيبي) - و (نقله الشارح ونقل شطرا منها الشارح الجامي). (ج)
(٣٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 370 371 372 373 374 375 376 377 379 380 381 ... » »»