الأمور المعقولة المنعوتة بالعوارض واللوازم، لأن الحقيقة الواحدة التي هي حقيقة الحقائق كلها هي الذات الإلهية، وباعتبار تعيناتها وتجلياتها في مراتبها المتكثرة تتكثر وتصير حقائق مختلفة: جوهرية متبوعة وعرضية تابعة. فالأعيان من حيث تعددها وكونها أعيانا ليست إلا عين أعراض شتى اجتمعت فصارت حقيقة جوهرية خاصة، كما ذكره في آخر (الفص الشعيبي). أ لا ترى أن الحيوان هو الجسم الحساس المتحرك بالإرادة، والجسم ماله طول وعرض وعمق، فالحيوان ذات لها هذه الأعراض مع الحس والحركة الإرادية، وكما اجتمعت هذه الأعراض في هذه الذات المعينة وصارت حيوانا، كذلك إذا انضمت إليها أعراض أخر، كالنطق والصهيل، يسمى بالإنسان والفرس. فالذات الواحدة باعتبار الصفات المتكثرة صارت جواهر متكثرة، وأصل الكل هو الذات الإلهية التي صفاتها عينها (106) فقوله: (أعني أعيان الموجودات) تفسير (هو) العائد إلى ماله وجود عيني. وضمير (عينها) راجع إلى (الأمور الكلية) ولا يجوز أن يكون تفسيرا لضمير (عينها) لفساد المعنى، إذ معناه حينئذ: بل ماله وجود عيني هو عين الموجودات العينية. إلا أن يقال، هو عائد إلى (الأمور الكلية) وتذكيره باعتبار (الأمر). وحينئذ يكون معناه: بل هذه الأمور الكلية عين أعيان الموجودات العينية لا غيرها. وهذا عين المعنى الأول.
وقيل: معناه: بل الأمر الكلى، كالعلم والحياة، عين الوصفين الموجودين في ذلك الموصوف لا غيرهما، والمراد بقوله: (أعني أعيان الموجودات) أعيان الأوصاف، لا أعيان الموصوفات، لأن للموصوفات أيضا أمورا كلية وهو الكلى الطبيعي (107) وفيه نظر. لأن المراد أن هذه الأمور الكلية التي ليست لها ذات