شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٣٧٢
في آدم، أو الملائكة مطلقا، ليكون (اللام) للعهد في الأول والجنس في الثاني، و كلاهما حق. فإن كلا منها له مقام معين، لا يمكن له التجاوز عنه ولا تسبيح له إلا بحسب ذلك المقام، بخلاف الإنسان فان مقامه يشتمل على جميع المقامات، علوا وسفلا، وهو مسبح فيها كلها، يعلم ذلك من أحاط علمه بمطلع قوله تعالى: و (إن من شئ إلا يسبح بحمده). وشاهد كيفية تسبيحهم الحسى والمثالي والمعنوي بلسان حالهم واستعدادهم في كل حين، وعرف أنه مسبح في مراتب نقصانه، كما أنه مسبح في مراتب كماله، فنقصانه أيضا من وجه كماله (92) ألا ترى أن (التواب) و (الغفار) و (العفو) و (الرؤف) و (الرحيم) و (المنتقم) و (القهار) وأمثالها يقتضى المخالفة والذنب، كاقتضاء (الرب) المربوب و (الرزاق) المرزوق. فالحكمة الإلهية اقتضت ظهور المخالفة من الإنسان ليظهر منه الرحمة والغفران، كما جاء في الحديث القدسي: (لو لم تذنبوا، لذهبت بكم وخلقت خلقا يذنبون ويستغفرون فأغفر لهم).
وأيضا، المخالفة للأمر في الظاهر إنما هي للإنقياد بمقتضى الإرادة في الباطن، إذ كل يعمل بمقتضى الاسم الذي هو ربه، فهو في عين الطاعة لربه عند الإتيان بالمعصية وإن كان مخالفا للأمر في الصورة.
وأيضا، الذنب يقتضى الانكسار والافتقار إلى الرحمة والرجاء في المغفرة، و

(92) - هو مقام شهود المتكلم عند تلاوة آياته واستماع الآيات من الحق بلا واسطة عند بلوغه و عروجه إلى مقام شهود الحق في مرتبة تعينه باسمه (المتكلم) وإشرافه على جميع المراتب الكلامية من الظهر والحد والبطون السبعة والمطلع وسماع الأذكار الصلاة من المتكلم بها. وفي الحديث الصحيح: (إن رسول الله (ص) سئل جبرئيل: (أ يصلى ربك؟) قال:
(نعم). فقال، عليه السلام: (ما صلوته؟) قال: (سبوح قدوس، سبقت رحمتي غضبي). (سبوحيت) و (قدوسيت) به اعتبار معنى واحدند، با اين فرق كه (سبوح) مبرا ومنزه است از عروض واتصاف به نقايص، و (قدوس) عبارت است از ذات مطهر و طاهر ومقدس از توهم امكان تطرق آنچه كه ممكن است با طهارت وقداست ذاتيه أو منافى باشد. (ج)
(٣٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 377 ... » »»