شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٣٧١
معبر بها في عالمي المثالي والحسي بحسبهما. كما بينا في رسالتنا المسمى بكشف الحجاب عن كلام رب الأرباب. والله أعلم.
(فلو عرفوا نفوسهم لعلموا، (89) ولو علموا لعصموا) أي، لو عرفوا ذواتهم و حقائقهم، لعلموا لوازمها من كمالاتها ونقائصها وعدم علمها بمرتبة الإنسان الكامل، وبأن لله تعالى أسماء ما يحققوا بها. ولو علموا ذلك، لعصموا من نقائص الجرح لغيرهم وتزكية أنفسهم. ولما كان العلم اليقيني موجبا لخلاص النفس عن الوقوع في المهالك غالبا، قال، رضى الله عنه: (ولو علموا لعصموا).
(ثم لم يقفوا مع التجريح حتى زادوا في الدعوى بما هم عليه من التقديس و التسبيح) 90 أي، ما اكتفوا بالطعن والجرح في آدم، بل زكوا أنفسهم وظهروا بدعوى التقديس والتسبيح، ولو علموا حقيقتهم، لعلموا أن الحق هو المسبح و المقدس لنفسه في مظاهرهم، وأن هذه الدعوى توجب الشرك الخفي.
قوله: (وعند آدم من الأسماء الإلهية ما لم تكن الملائكة تقف عليها، فما سبحت ربها بها ولا قدسته عنها (91) تقديس آدم وتسبيحه) (الملائكة) هنا هم الطاعنون

(89) - فلو عرفوا نفوسهم ونشأتهم التي تخصهم، لعلموا أن ما قالوه هو النزاع مع الحق سبحانه، الذي هو من لوازم نشأتهم وأحكام نفوسهم، ولو علموا ذلك، لعصموا من الإقدام على النزاع، فإنهم من الملائكة الذين لا يعصون الله ما أمرهم، فلو علموا أن ما قالوه نزاع مع الله سبحانه وعصيان لأمره، ما وقع منهم ذلك القول، وإنما وقع منهم لذهولهم عن هذا المعنى. وأيضا، ليس من مقتضى الإنصاف إذا اطلع أحد على أمر مذموم في نفسه أن يطعن به في غيره ويجرحه. (جامى) (90) - حيث أطلقوا في دعوى التسبيح والتقديس ولم يقيدوهما بما هم عليه منها، فيتبادر منه أنهم يسبحونه ويقدسونه بكل التسبيحات والتقديسات، وليس الأمر كذلك. وكيف؟ وعند آدم من الأسماء - إلى آخره. (جامى) (91) - أي، عن نقائصها على حذف المضاف، فإن التقديس بالأسماء ليس عن أنفسها، بل في كل تقديس باسم تقديس عن نقيضه. (جامى)
(٣٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 ... » »»