شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٣٧٠
تنبيه اعلم، أن هذه المقاولة يختلف باختلاف العوالم التي يقع التقاول فيها: فإن كان واقعا في العالم المثالي فهو شبيه المكالمة الحسية، (85) وذلك بأن يتجلى لهم الحق تجليا مثاليا كتجليه لأهل الآخرة بالصور المختلفة (86) كما نطق به حديث (التحول)، وإن كان واقعا في عالم الأرواح من حيث تجردها فهو كالكلام النفسي، فيكون قول الله لهم إلقاؤه في قلوبهم المعنى المراد، وهو جعله خليفة في الأرض من غيرهم. وقولهم عدم رضاهم بذلك وإنكارهم له، الناشئين من احتجابهم برؤية أنفسهم وتسبيحهم عن مرتبة من هو أكمل منهم، واطلاعهم على نقائصه دون كمالاته (87) ومن هذا التنبيه يتنبه الفطن على كلام الله ومراتبه: فإنه عين المتكلم في مرتبة، ومعنى قائم به في أخرى كالكلام النفسي، (88) وإنه مركب من الحروف و

(85) - كمكالمة عالم الرؤيا وكحديث النفس وعرض المشكلات على القوة العاقلة وحلها و تصوير المعاني الكلية والجزئية. (ج) (86) - كالأسماء الوجودية والأوصاف الثبوتية التي هي مقتضى طرف التشبيه. (ج) (87) - قوله: (وقولهم عدم رضا هم...). ليس الكلام النفسي منهم مجرد الرضاء، بل الكلام له حقيقة أخرى غير العلم والإرداة والكراهة والرضاء. فعند تكثير الأسماء و إعتبار مقام الواحدية والكثرة الأسمائية لا يرجع الصفات بعضها إلى بعض: لا الإرادة إلى العلم بالنظام، كما هو المشهور بين الحكماء المحجوبين، ولا السمع والبصر إلى العلم، ولا العلم إليهما، كما هو رأى الشيخ المقتول شهاب الدين. فالكلام النفسي في الحضرة العلمية عبارة عن التجلي الحبى المظهر للمكنون الغيبي على الحضرات الأعيانية في التجلي الواحدي، كما أن السمع عبارة عن مقارعة خاصة بين هذا التجلي والتجلي العلمي الحاصل بعده. وليس المقام مقام بسط هذه الحقائق. (الإمام الخميني مد ظله) (88) - إن كان مراده من الكلام النفسي الصور العلمية التي عين ذاته قبل تعينه باسم المتكلم و القائل وإعرابها وإظهار عن المرتبة العلمية في مقام تفاصيل الحروف، لا اشكال في المقام، وإن كان مراده من الكلام ما هو المشهور عند أتباع الشيخ الأشعري، يرد عليه ما لا يمكن ذبه. (ج)
(٣٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 ... » »»