شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٣٥٤
عن العدم لأنه عين الوجود، وأزليتها دوام وجودها بدوام الحق مع افتتاح الوجود عن العدم لكونه من غيرها. وأما دوامه وأبديته، فلبقائه ببقاء موجده دنيا و آخرة (54) وأيضا، كل ما هو أزلي (55) فهو أبدى وبالعكس، وإلا يلزم تخلف المعلول عن العلة، أو التسلسل في العلل، لأن علته إن كانت أزلية لزم التخلف، وإن لم يكن كذلك، لزم استنادها أيضا إلى علة حادثة بالزمان، وحينئذ إن كان للزمان فيها مدخل، يجب أن يكون معلولها غير أبدى لكون أجزاء الزمان متجددة متصرمة بالضرورة والفرض بخلافه، وإن لم يكن له فيها مدخل، فالكلام فيها كالكلام في الأول، فيتسلسل، والتسلسل في العلل التي لا مدخل للزمان فيها باطل، وإلا يلزم نفى الواجب. فالأبديات مستندة إلى علل أزلية أبدية، كما أن الحوادث الزمانية مستندة إلى علل متجددة متصرمة. والنفوس الناطقة الإنسانية حدوثها بحسب التعلق إلى الأبدان لا بحسب ذواتها. والصور الأخراوية كما أنها أبدية، كذلك أزلية حاصلة في الحضرة العلمية والكتب العقلية والصحف النورية وإن كانت ظهورها بالنسبة إلينا حادثا بالحدوث الزماني فلا تردد (56) وأما كونه كلمة فاصلة، فلتميزه بين المراتب الموجبة للتكثر والتعدد في الحقائق، بل

(54) - ببيان أوضح: أن أزلية الحق المبدع ذاتية، وأزلية عينه الثابتة، عليه وعلى آله السلام، علما وعينا في عالم الجبروت أزلية ظلية، باقية ببقائه وأزليته تعالى وتبارك. (ج) (55) - واعلم، أن النفس بما هي نفس حادثة بالحدوث الزماني عند المشائية والإشراقية. بنا بر ممشاي ملا صدرا، نفس در ابتداى وجود عين صور حاله در ماده است، وبه حركات ذاتيه به مقام تجرد يا فوق تجرد مى رسد، ونشايد كه موجود تام الوجود أزلى تعلق به ماده گيرد و متكامل شود. فالمصير إلى ما حققه صدر الحكماء في الأسفار. (ج) (56) - قوله: (فلا تردد) إشارة إلى نفى التناسخ وعدم جواز تردد الأرواح في الأبدان دائما. و لازم التناسخ رجوع الشئ عن الفعلية إلى القوة. ويمكن أن يقرء (فلا ترد) أي، لا ترد إلى الأبدان العنصرية. ومن ثمرات القول بالتناسخ إنكار المعاد، ولذا ورد في المأثورات عن أهل البيت، عليهم السلام: (من قال بالتناسخ فهو كافر). (ج)
(٣٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 349 350 351 352 353 354 355 357 358 359 360 ... » »»