عن العدم لأنه عين الوجود، وأزليتها دوام وجودها بدوام الحق مع افتتاح الوجود عن العدم لكونه من غيرها. وأما دوامه وأبديته، فلبقائه ببقاء موجده دنيا و آخرة (54) وأيضا، كل ما هو أزلي (55) فهو أبدى وبالعكس، وإلا يلزم تخلف المعلول عن العلة، أو التسلسل في العلل، لأن علته إن كانت أزلية لزم التخلف، وإن لم يكن كذلك، لزم استنادها أيضا إلى علة حادثة بالزمان، وحينئذ إن كان للزمان فيها مدخل، يجب أن يكون معلولها غير أبدى لكون أجزاء الزمان متجددة متصرمة بالضرورة والفرض بخلافه، وإن لم يكن له فيها مدخل، فالكلام فيها كالكلام في الأول، فيتسلسل، والتسلسل في العلل التي لا مدخل للزمان فيها باطل، وإلا يلزم نفى الواجب. فالأبديات مستندة إلى علل أزلية أبدية، كما أن الحوادث الزمانية مستندة إلى علل متجددة متصرمة. والنفوس الناطقة الإنسانية حدوثها بحسب التعلق إلى الأبدان لا بحسب ذواتها. والصور الأخراوية كما أنها أبدية، كذلك أزلية حاصلة في الحضرة العلمية والكتب العقلية والصحف النورية وإن كانت ظهورها بالنسبة إلينا حادثا بالحدوث الزماني فلا تردد (56) وأما كونه كلمة فاصلة، فلتميزه بين المراتب الموجبة للتكثر والتعدد في الحقائق، بل
(٣٥٤)