بصور تلك الكمالات (61)، فيصير تابعا للذوات (62) لأنها أيضا وجودات خاصة (63) مستهلكة في مرتبة أحديته ظاهرة في واحديته.
وهو حقيقة واحدة لا تكثر فيها، وكثرة ظهوراتها وصورها لا يقدح في وحدة ذاتها (64): وتعينها وامتيازها بذاتها لا بتعين زايد عليها إذ ليس في الوجود ما يغايره ليشترك معه في شئ ويتميز عنه بشئ، وذلك لا ينافي ظهورها في مراتبها المتعينة، بل هو أصل جميع التعينات الصفاتية والأسمائية والمظاهر العلمية (65) والعينية (66).
ولها وحدة (67) لا يقابل الكثرة بل هي أصل الوحدة المقابلة لها وهي عين ذاتها الأحدية. والوحدة الأسمائية (68) المقابلة للكثرة التي هي ظل تلك الوحدة الأصلية الذاتية (69) أيضا عينها من وجه كما سنبين، انشاء الله تعالى.
وهو نور محض أدبه (70) يدرك الأشياء كلها لأنه (71) ظاهر بذاته ومظهر لغيره (72) و منور سماوات (73) الغيوب (74) والأرواح (75) وارض الأجسام (76) لأنها به توجد وتتحقق، ومنبع جميع الأنوار الروحانية (77) والجسمانية (78).
وحقيقته غير معلومة (79) لما سواه وليست عبارة عن الكون ولا عن الحصول والتحقق والثبوت، ان أريد بها المصدر، لان كلا منها عرض حينئذ ضرورة، وان أريد بها (80) ما يراد بلفظ الوجود فلا نزاع، كما أراد أهل الله بالكون وجود العالم و حينئذ لا يكون شئ منها (81) جوهرا ولا عرضا كما مر. ولا معلوما بحسب حقيقته وان كان معلوما بحسب إنيته، والتعريف اللفظي لا بدان يكون بالأشهر ليفيد العلم والوجود أشهر من الكون وغيره ضرورة.
والوجود العام المنبسط على الأعيان في العلم ظل من أظلاله لتقيده بعمومه، وكذلك الوجود الذهني والوجود الخارجي ظلان لذلك الظل لتضاعف التقييد.
وإليه الإشارة بقوله: (ألم تر إلى ربك كيف مد الظل (82) ولو شاء لجعله ساكنا) (83).
فهو الواجب الوجود الحق، سبحانه وتعالى، الثابت بذاته المثبت لغيره الموصوف بالأسماء الإلهية المنعوت بالنعوت الربانية المدعو بلسان الأنبياء والأولياء الهادي خلقه إلى ذاته الداعي مظاهره بأنبيائه (84) إلى عين جمعه (85) ومرتبة ألوهيته.
أخبر بلسانهم انه بهويته مع كل شئ (86)، وبحقيقته (87) مع كل حي. ونبه أيضا انه