شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٢٩٠
أما القولي، فحمد اللسان (3) وثناؤه عليه بما أثنى به الحق على نفسه على لسان الأنبياء، عليهم السلام.
وأما الفعلي، فهو الإتيان بالأعمال البدنية من العبادات والخيرات ابتغاء لوجه الله تعالى وتوجها إلى جنابه الكريم، لأن الحمد، كما يجب على الإنسان باللسان، كذلك يجب عليه بحسب كل عضو، بل على كل عضو، كالشكر، (4) و

(3) - قوله: (فحمد اللسان). اعلم، أن الحمد هو إظهار كمال المحمود وإعلان محامده.
فالقولي منه ظاهر. وأما الفعلي والحالي فليسا كما ذكره الشارح الفاضل. فإن الإتيان بالأعمال ابتغاء لوجه الله ليس حمدا، بل الحمد الفعلي عبارة عن اظهار كمال المحمود بالعمل. فالعبادات والخيرات باعتبار أنها إظهار كماله والثناء على ذاته وأسمائه وصفاته حمد له تعالى، إلا أنها مختلفة في باب الحمد والثناء، فرب عبادة أنها ثناء الأسماء الجمالية أو الجلالية واللطفية والقهرية، فقد تكون ثناء الله بحسب مقامه الجامع واسمه الأعظم، كالصلاة التي لها مقام الجامعية، وفيها الفناءات الثلاثة، ولهذا اختصت بأنها عبادة ليلة المعراج الذي هو مقام القرب الأحمدي الأحدي المحمدي، واختصت بثناء الله تعالى نفسه بها، كما ورد عن جبرئيل، عليه السلام، أنه قال لرسول الله، صلى الله عليه وآله: (إن ربك يصلى عليك). فعلى هذا، يكون كل العبادات والخيرات باعتبار إظهار المحامد حمدا، بل كل الملكات الفاضلة باعتبار إظهار محامد الله حمدا. وقس على ذلك الحالي من الحمد، لا كما ذكره الشارح. (الإمام الخميني مد ظله) أقول: ما ذكره الإمام العارف بالمؤاخذات اللفظية أشبه. لأن جميع الأعمال المقربة كلها ترجع إلى حمده تعالى في مقام الفرق بلسان العبد، والحق حامد والعبد أيضا حامد. وفي الحديث الصحيح: يقول الله من لسان عبده: (سمع الله لمن حمده). وهو الحامد بلسان كل حامد، ومن أسمائه (الحميد). (ج) (4) - قال الأستاذ البارع في الحكمة المتعالية والبحر المواج في التصوف الإسلامي، آقا ميرزا مهدى آشتيانى (قده) في أوائل تعاليقه على كتاب شرح المنظومة السبزواري (قده):
(والشكر عبارة عن أداء الشاكر لحق نعم المشكور تعلقا وتخلقا وتحققا، فيهما عموم و خصوص مطلق لأعمية الحمد من حيث المورد والمتعلق، ومن جهة أخصية الشكر لا ينسب إلى الحق تعالى بخلاف الحمد). وقال، قدس الله لطيفه، في بيان معنى الحمد:
(٢٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 259 260 261 287 289 290 291 292 293 294 295 ... » »»