السارية في كل موجود: وكل يعمل على شاكلته). قال صدر المتألهين من الاسفار في سفر النفس في الفصل المعنون بقوله:
(فصل - في الإشارة إلى حشر جميع الموجودات حتى الجماد والنبات). بعد ذكر عبارة الشيخ محى الدين التي دلت على ان لكل من الأشياء تسبيح نطقي:
(فقوله تعالى وان من شئ الا يسبح بحمده، وغير ذلك من الآيات، انما يدل على ان الأجسام كلها ذا حياة ونطق، سواء كانت بحسب جسميتها أو بما يتصل بها من روح أو ملك ولا يدل على انها من حيث جسميتها وماديتها، مع قطع النظر عن أرواحها وصورها، المدبرة ناطقة مسبحة. وقد علمت ان لكل جسم صورة نفسانية (131) ومدبرا عقليا بها تكون ذات حياة ونطق لا من حيث جسميتها المظلمة الذات المشوبة بالاعدام الزائلة الغير الباقية الا في آن. لكن هنا دقيقة أخرى يمكن ان يستقيم ويستصح بها كلام الشيخ، وهو ان المكشوف عند البصيرة والمعلوم بالبرهان ان في باطن هذا الأجسام الكائنة الظلمانية جسما شعاعيا ساريا فيها سريان النور في البلور وهي بتوسطها تقبل الحياة وتصرف النفوس والأرواح. و ليس المراد بذلك الجسم النوراني هو الذي يسميه الأطباء الروح الحيواني و هو المنبعث في الحيوان اللحمي من دم القلب والكبد ويسرى في البدن بواسطة العروق الشريانية، وذلك، لان ذلك مركب، والذي كلامنا فيه بسيط و هو ظلماني مادي وهذا نوراني مجرد الذات، وهو مختص ببعض الأجسام ويقبل الحياة من خارج بخلاف هذا، فإنه سار في جميع الأجسام وحية بحياة ذاتية لان وجوده وجود ادراكي هو عين النفس الداركة بالفعل).
قوله: بدون ادراك كليه إذ الجزئي هو الكلى مع التشخص... وإن كان كليا طبيعيا فقولهم لا يدرك الكلى بنحو الاطلاق ليس بصحيح، نعم لو قالوا:
لا يدرك العقلي، فله وجه صحة (132).
اعلم، ان حاصل هذا البيانات: ان الجوهر الحقيقي، وهو النفس الرحماني، يتعين بتعينات وهذه التعينات هي ما به الامتياز، فعلى مذاق أهل الله جميع الفصول اعراض وكذلك الجوهر الخاص من هذه الحقيقة كالحيوان،