شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٢٢٨
بالشئ غير الشعور بذلك الشعور وغير مستلزم له على وجه لا يشك فيه.
اعلم، انه ان أريد بالمهية التي حكم بها انها معقولة بالكنه المهية الخارجية، فغير مسلم انها معقولة بالكنه، وان أريد بها المهية الحاصلة في الذهن أو المطلق فمسلم انها معقولة بالكنه. لكن قولهم: مع الشك في وجودها، غير مسلم، ان أريد منه أعم من الوجود الذهني والخارجي، ومسلم، ان أريد منه الوجود الخارجي فيلزم زيادة الوجود الخارجي على المهية العقلية لا زيادته على المهية الخارجية ولا زيادة الوجود المطلق على المهية المطلقة، ولذلك اختلف فيه، أي في الوجود الذهني. ومن أثبته أثبته ببرهان لا بكونه معلوما بالضرورة، و لو كان تحقق الوجود الذهني مانعا من الشك موجبا للجزم به لما أنكره عاقل ولما احتج إلى برهان. وأيضا، فالمهية الخارجية، أي المتحققة في الخارج، إذ لم تكن معقولة لأحد خالية عن الوجود الذهني فيغايرها فلا يكون نفسها ولا جزئها أيضا، ولا يمكن ان يقال، المهية الموجودة في الذهن خالية عن الوجود الخارجي فيكون زائدا عليها، إذ يتوجه عليه انا لا نسلم حصول المهية في الذهن).
قال مولانا الجامي في الرسالة الوجودية: (تمهيد - ان في الوجود واجبا والا لزم انحصار الوجود في الممكن فيلزم ان لا يوجد شئ أصلا: فان الممكن وإن كان متعددا لا يستقل بوجوده في نفسه، وهو ظاهر، ولا في ايجاده أخيره لان مرتبة الايجاد بعد مرتبة الوجود وإذ لا وجود فلا ايجاد فلا موجود لا بذاته ولا بغيره، فاذن ثبت وجود الواجب).
ثم الظاهر من مذهب أبى الحسن الأشعري وأبى الحسين البصري من المعتزلة ان وجود الواجب بل وجود كل شئ عين ذاته، ذهنا وخارجا، ولما استلزم ذلك اشتراك الوجود بين الموجودات الخاصة لفظا لا معنى، وبطلانه ظاهر كما بين في موضعه. صرفه بعضهم عن الظاهر بان مرادهما بالعينية عدم التمايز الخارجي إذ ليس في الخارج شئ هو المهية، وآخر قائم بها قياما خارجيا هو الوجود، كما يفهم من تتبع دلائلهم.
قوله: ومن هنا قيل... أي، من هذه المراتب الوجودية. لعل المراد من
(٢٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 ... » »»