ما به الاتحاد وما به الامتياز (149)، وليس ما به الاتحاد هنا سوى نفس الوجود (150) وما به التغاير سوى نفس الهذية (151) فتعين ان يكون الوجود من حيث هو هو عين الوجودات المضافة (152) حقيقة (153)، والا لم يكن وجودا ضرورة (154)، والمنازع يكابر مقتضى عقله، الا ان يطلق لفظ الوجود عليها وعلى الوجود من حيث هو هو بالاشتراك اللفظي (155) وهو عين الفساد.
وما يقال بان الوجود يقع على افراده لا على وجه التساوي: فإنه يقع على وجود العلة ومعلولها بالتقدم والتأخر وعلى وجود الجوهر والعرض بالأولوية وعدمها وعلى وجود القار وغير القار بالشدة والضعف، فيكون مقولا عليها بالتشكيك، وكل ما هو مقول بالتشكيك لا تكون ماهية شئ (156) ولا جزوه (157)، ان أرادوا به ان التقدم والتأخر والأولوية وعدمها والشدة والضعف باعتبار الوجود من حيث هو هو فهو ممنوع، لكونها من الأمور الإضافية التي لا تتصور الا بنسبة بعضها إلى بعض. ولأن المقول على سبيل التشكيك انما هو باعتبار الكلية والعموم، والوجود من حيث هو لا عام ولا خاص. وان أرادوا به انها تلحق الوجود بالقياس إلى الماهيات فهو صحيح (158). لكن لا يلزم منه ان يكون الوجود من حيث هو مقولا عليها بالتشكيك إذ اعتبار المعروضات (159) غير اعتبار الوجود. و ذلك بعينه كلام أهل الله، لأنهم ذهبوا إلى ان الوجود باعتبار تنزله في مراتب الأكوان وظهوره في حظاير الامكان وكثرة الوسايط يشتد خفاؤه فيضعف ظهوره وكمالاته وباعتبار قلتها يشتد نوريته ويقوى ظهوره فتظهر كمالاته وصفاته فيكون اطلاقه على القوى أولى من اطلاقه على الضعيف.
وتحقيق ذلك بان تعلم ان للوجود مظاهر في العقل (160)، كما ان له مظاهر في الخارج، منها هي الأمور العامة (161) والكليات التي لا وجود لها الا في العقل. و كونه مقولا على الافراد المضافة إلى الماهيات بالتشكيك انما هو باعتبار ذلك الظهور العقلي، ولذلك قيل انه (162) اعتباري، فلا يكون من حيث هو هو مقولا عليها بالتشكيك (163) بل من حيث انه كلي محمول عقلي. وهذا المعنى لا ينافي كونه عين ماهية افراده باعتبار كليه الطبيعي كما ان الحيوان طبيعته فقط جزء الافراد