في وجوده عن غيره فهو واجب فالوجود واجب بذاته.
فان قلت: الوجود من حيث هو هو (125) كلي طبيعي وكل كلي طبيعي لا يوجد الا في ضمن فرد من افراده، فلا يكون الوجود من حيث هو واجبا لاحتياجه في تحققه إلى ما هو فرد منه.
قلت: ان أردتم بالكبرى الطبايع الممكنة الوجود فمسلم، ولكن لا ينتج المقصود لان الممكنات من شأنها ان توجد وتعدم وطبيعة الوجود لا تقبل ذلك لما مر (126)، وإن أردتم ما هو أعم منها فالكبرى ممنوعة. وليتأمل في قوله تعالى: (ليس كمثله شئ، الآية)، بل لا نسلم ان الكلى الطبيعي في تحققه متوقف على وجود ما يعرض عليه (127)، ممكنا كان أو واجبا، إذ لو كان كذلك لزم الدور، سواء كان العارض منوعا (128) أو مشخصا (129)، لان العارض لا يتحقق الا بمعروضه فلو توقف معروضه عليه في تحققه لزم الدور. والحق ان كل كلي طبيعي في ظهوره مشخصا (130) في عالم الشهادة يحتاج إلى تعينات مشخصة له فائضة عليه من موجده وفي ظهوره في عالم المعاني منوعا يحتاج إلى تعينات كلية منوعة له لا في تحققه في نفسه.
وأيضا، كل ما تنوع أو تشخص فهو متأخر عن الطبيعة الجنسية والنوعية بالذات، والمتأخر لا يكون علة لتحقق المتقدم بل الامر بالعكس أولى، والجاعل للطبيعة طبيعة أولى منهما (131) ان تجعل تلك الطبيعة نوعا أو شخصا بضم ما يعرض عليها من المنوع والمشخص وجميع التعينات الوجودية راجعة إلى عين الوجود (132) فلا يلزم احتياج حقيقة الوجود في كونها في الخارج إلى غيرها وفي الحقيقة ليس في الوجود غيره.
تنبيه وآخر كل ممكن قابل للعدم ولا شئ من الوجود المطلق بقابل له فالوجود واجب بذاته.
لا يقال، ان وجود الممكن قابل للعدم (133). لأنا نقول، وجود الممكن (134) عبارة عن حصوله في الخارج وظهوره فيه، وهو من أعراض الوجود الحقيقي