فيلزم تقدم الشئ على نفسه، وأيضا، وجودهما (11) زايد عليهما والوجود لا يمكن ان يكون زائدا على نفسه (12) ولأنه مأخوذ في تعريفهما لكونه أعم منهما، فهو غيرهما (13).
وليس أمرا اعتباريا، كما يقول الظالمون، لتحققه في ذاته مع عدم المعتبرين إياه فضلا عن اعتباراتهم، سواء كانوا عقولا أو غيرها كما قال، عليه السلام:
(كان الله ولم يكن معه شئ). وكون الحقيقة (14) بشرط الشركة (15) أمرا عقليا اعتباريا لا يوجب ان يكون لا بشرط الشئ كذلك. فليس صفة عقلية وجودية (16) كالوجوب والامكان للواجب والممكن. وهو أعم الأشياء باعتبار عمومه و انبساطه (17) على الماهيات حتى يعرض مفهوم العدم المطلق والمضاف في الذهن عند تصورهما، ولذلك يحكم العقل عليهما بالامتياز بينهما وامتناع أحدهما وامكان الآخر (18) إذ كل ما هو ممكن وجوده ممكن عدمه، وغير ذلك من الاحكام (19).
وهو أظهر (20) من كل شئ تحققا وإنية حتى قيل فيه: انه بديهي (21)، وأخفى من جميع الأشياء ماهية (22) وحقيقة، فصدق فيه ما قال اعلم الخلق به في دعائه: ( ما عرفناك حق معرفتك). ولا يتحقق شئ في العقل ولا في الخارج الا به، فهو المحيط بجميعها بذاته وقوام الأشياء به، لان الوجود لو لم يكن لم يكن شئ لا في الخارج و لا في العقل فهو مقومها بل هو عينها (23) إذ هو الذي يتجلى في مراتبه و يظهر بصورها وحقايقها في العلم والعين فيتسمى بالماهية (24) والأعيان الثابتة (25، كما نبينه في الفصل الثالث، انشاء الله تعالى.
فلا واسطة بينه وبين العدم، كمالا واسطة بين الموجود والمعدوم، مطلقا.
والماهية (26) الحقيقية (27) واسطة بين وجودها الخاص وعدمها والمطلقة الاعتبارية (28) لا تحقق لها في نفس الأمر (29) والكلام فيما له تحقق فيه (30).
ولا ضد له ولا مثل لأنهما موجودان متخالفان أو متساويان (31)، فخالف جميع الحقايق (32) لوجود أضدادها وتحقق أمثالها (33) دونه، فصدق فيه: (ليس كمثله شئ) (34). والوجود، من حيث هو واحد، لا يمكن ان يتحقق في مقابله وجود آخر، وبه يتحقق الضدان ويتقوم المثلان، بل هو الذي يظهر بصورة الضدين و غيرهما (35) ويلزم منه (36) الجمع بين النقيضين إذ كل منهما يستلزم سلب الآخر. و