والوجود، وإن كان غيره باعتبار المعنى والمفهوم). ويمكن ان يكون المراد بعدم دخولها في الوجود، كونها موجودة بوجود الحق الواجبي دائما وعدم انتقالها منه إلى الخارج، والذي يظهر بالتجلي والوجود الفعلي أظلالها وآثارها لا عينها. و على هذا يجب ان يحمل قول الشارح: (فهي موجودة في العقل) أي في الحضرة العلمية، وهو بعيد، وأيضا لا يوافقه قول الشارح وسيجئ في الفص الأول.
قال مولانا عبد الرزاق القاساني في شرح الفصوص ط قاهره، 1321 ه ق في الفص الإبراهيمي في ضمن قول الشيخ: (فمنا من يعرف ان في الحق وقعت هذه المعرفة) (99). لا تظن ان الوجود العيني في الظاهر عين الوجود الغيبي في الباطن حقيقة، فتحسب ان الأعيان قد انتقلت من العلم إلى العين أو بقيت هناك والوجود الحق ينسحب عليها فيظهر بآثارها ورسومها، أو هي مظاهر موجودة ظهر الحق فيها. بل الأعيان بواطن الظواهر ثابتة على معلوميتها وبطونها ابدا، قد تظهر وتختفي. فظهورها باسم النور ووجودها العيني وبقائها على الصور العلمية الأزلية الأبدية وجودها الغيبي، فهي في حالة واحدة ظاهرة و باطنة بوجود واحد حقي (100).
قال صدر المتألهين في إلهيات الاسفار ط ج، إلهيات، ص 263: (الصور العلمية القائمة بذاته هي عين الذات بوجه وغيرها بوجه. وعلمه الذاتي السابق على كل شئ حتى على تلك الصور العلمية هي المسماة بالغيب المشار إليه: (و عنده مفاتح الغيب لا يعلمها الا هو). فالمفاتيح هي الصور التفصيلية والغيب هو المرتبة الذات البحتة المتقدمة على تلك التفاصيل) (101).
وقال في شرحه لآية الكرسي: (والتكثر في الأسماء بسبب التكثر في الصفات، وذلك التكثر انما يكون باعتبار مراتبه الغيبية التي هي مفاتيح الغيب، وهي معان معقولة في عين الوجود الحق، بمعنى ان الذات الإلهية بحيث لو وجدت في العقل أو أمكن ان يلحظها في الذهن لكان ينتزع منه هذه المعاني ويصفها به فهو مصداق هذه المعاني).