(في هذه الصلاة، أم لا. فإن لم يره، فليعبده بالإيمان كأنه يراه) كالمؤمنين المحجوبين. (فيخيله في قبلته عند مناجاته، ويلقى السمع لما يرد به عليه من الحق) من الواردات الروحانية والمعاني الغيبية (فإن كان إماما لعالمه الخاص به) أي، للأناسي. (وللملائكة المصلين معه - فإن كل مصل فهو إمام بلا شك، فإن الملائكة تصلى خلف العبد إذا صلى وحده كما ورد في الخبر - فقد حصل له رتبة الرسل في الصلاة.) لأن إمامة الناس من مراتب الرسول.
وقوله: (فقد حصل) جواب الشرط. أي، فإن كان إماما للناس، فقد حصل له رتبة الرسول.
ولما كانت الإمامة قياما بحقوق العباد وهي من جملة شؤون الحق، قال: (و هي النيابة عن الله. وإذا قال: (سمع الله لمن حمده) فيخبر نفسه ومن خلفه بأن الله قد سمعه) أي، يخبر الإمام نفسه لمن اقتداه بأن الله سمع حمد من حمده ومناجاة من ناجاه. وذلك لأنه مشاهد ربه وعالم بأنه سمع حمد الحامدين.
(فتقول الملائكة والحاضرون: ربنا ولك الحمد. فإن الله تعالى قال على لسان عبده: (سمع الله لمن حمده). فانظر علو رتبة الصلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها. فمن لم يحصل درجة الرؤية في الصلاة، فما بلغ غايتها، ولا كان له فيها قرة عين، لأنه لم ير من يناجيه. فإن لم يسمع ما يرد من الحق عليه فيها) أي، في الصلاة من الواردات الغيبية (فما هو ممن ألقى سمعه. ومن لم يحضر فيها مع ربه مع كونه، لم يسمع ولم ير، فليس بمصل أصلا ولا هو ممن ألقى السمع وهو شهيد.) أي، أدنى مرتبة الصلاة الحضور مع الرب. فمن لا يرى ربه فيها ولا يشهد شهودا روحانيا أو رؤية عيانية قلبية أو مثالية خيالية أو قريبا منه المعبر عنه بقوله، عليه السلام: (أعبد الله كأنك تراه).
ولا يسمع كلامه المطلق بغير واسطة الروحانيات وبواسطة منهم ولا يحصل له الحضور القلبي المعبر عنه: (فإن لم تكن تراه، فإنه يراك). أي فاعلم أنه يراك، فليس بمصلي. وصلاته أفادت له الخلاص من القتل، لا غير.
(وما ثمة عبادة تمنع من التصرف في غيرها ما دامت) أي، ما بقيت وثبتت.
ف (ما دامت) تامة لا ناقصة، كقوله تعالى: (خالدين فيها ما دامت السماوات