شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١١٩٠
طريق الامتنان عليه، كانت المشاهدة من جانب النبي، صلى الله عليه وسلم، أيضا بطريق الامتنان من الله، إذ لو لا توفيقه لتلك المشاهدة، ما كانت حاصلة.
فلذلك قال: (جعلت) على المبنى للمفعول، ولم يقل: جعلت. على المبنى للفاعل.
(ليس) قرة عينه (إلا مشاهدة المحبوب التي تقربها عين المحب من الاستقرار، فيستقر العين عند رؤيته، فلا ينظر معه إلى شئ غيره) قوله: (تقر) بفتح (القاف) وبكسرها (23) والأول للسرور، والثاني للقرار.
وقوله: (من الاستقرار) أي، مأخوذة من الاستقرار، لأن عين المحب الطالب إذا رأت محبوبه ومطلوبه، تستقر ولا تلتفت إلى غيره، ويكون صاحبه مسرورا قرير العين.
ولو كانت (القرة) من (القر) بمعنى (البرد)، كانت أيضا دليلة على المسرة، فإن عين المسرور تبرد لقرار باطنه فيما وجده، وعين المغموم تسخن لاضطراب باطنه وحصول الحركة فيه إلى رفع ما يجده.
وقوله: (في شئ وغير شئ.) متعلق ب‍ (الرؤية). أي تستقر عين المحب عند رؤية محبوبه في صورة من صور المجالي، كما تجلى لموسى، عليه السلام، في صورة النار، ولنبينا صلى الله عليه وسلم، في صورة أمرد - كما جاء في الخبر الصحيح. وفي غير صورة، كالتجلي الذاتي الذي لا يرى المتجلى له فيه شيئا إلا صورته لا غير. كما مر في الفص الثاني. فلا يتوهم أنه متعلق بقوله: (فلا ينظر).
ويجوز أن يكون متعلقا بقوله: (فلا ينظر). أي، فلا ينظر معه في شئ موجود تعلقت المشية بوجوده، وغير شئ (24) أي، فيما لم يتعلق بوجوده المشية من الأعيان والنسب إلى شئ غيره، أي، إلى جهة الغيرية. وفيه نظر (25)

(23) - تقر.
(24) - لأنه لما قال: (فلا ينظر معه إلى شئ غيره). فهم منه العموم ولا حاجة بعد إلى قوله: (في شئ وغير شئ). (ج)
(١١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1185 1186 1187 1188 1189 1190 1191 1192 1193 1194 1195 ... » »»