(ولذلك نهى عن الالتفات في الصلاة، وأن الالتفات شئ يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه) الشيطان، أو الالتفات (مشاهدة محبوبه.) سواء كان الالتفات قلبيا، أو حسيا.
(بل لو كان محبوب هذا الملتفت، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه.) بل لو كان الحق محبوب هذا الملتفت إلى الغير وكان هو محبا له، ما التفت في صلاته إلى غيره، لأن وجه المحبوب مشاهده في قبلته، فالإعراض عنه حرام.
واعلم، أن الالتفات قد يكون بالوجه، وقد يكون بالعين والوجه إلى القبلة. ولما كان الإعراض بالوجه أشد كراهة، قال: (بوجهه)، ولم يقل:
بعينه.
(والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة، أم لا. فإن (الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره) فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه، لأن الشئ لا يجهل حاله، فإن حال له ذوقي.) أي، وجداني.
(ثم، إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له، وأخبرنا أنه يصلى علينا.) بقوله: (هو الذي يصلى عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما).
قوله: (إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى) ليس أنه معنى واحد ينقسم إلى معنيين، كما أن معنى الكلمة ينقسم إلى اسم وفعل وحرف، وهو في كل منها موجود. بل معناه: أن الصلاة لها مسمى، وهو الأفعال المخصوصة، ولها مسمى آخر، وهو التجلي والإيجاد والرحمة. كما قيل: (إن الصلاة من الله الرحمة...).